للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الطوفي: " سمعت بعض مشايخنا، يحكي عن بعض مشايخه أنه كان يقول: إن ثبت القول بالجوهر الفرد، أمكن القول بالمعاد، وبعث الأجساد وإلا فلا " (١).

ولا شك أن هذا القول وأمثاله، مما جر الويلات على عقائد المسلمين فإنهم جعلوه أصلا للإيمان بالله تعالى واليوم الآخر، وأنه دين المسلمين الذي يُعد منكره خارجا عن الدين، يقول الإمام ابن تيمية: " وأعجب من هذا أنهم يجعلون إثبات الجوهر الفرد دين المسلمين، حتى يُعد منكره خارجا عن الدين " (٢)، ويقول أيضا: " وبعض المصنفين في الكلام، يجعل إثبات الجوهر الفرد هو قول المسلمين، وأن نفيه هو قول الملحدين " (٣).

ومن العجب أن المتكلمين حكوا الإجماع على إثبات الجوهر الفرد:

يقول الإمام الجويني: " اتفق الإسلاميون على أن الأجسام تتناهى في تجزيئها حتى تصير أفرادا، وكل جزء لا يتجزأ، فليس له طرف وحد شائع لا يتميز " (٤)

ويقول البغدادي: " واجمعوا على ان كل جَوْهَر جُزْء لَا يتَجَزَّأ واكفروا النظام والفلاسفة الَّذين قَالُوا بانقسام كل جُزْء الى أَجزَاء بِلَا نِهَايَة لَان هَذَا يقتضى الا تكون اجزاؤها محصورة عِنْد الله تَعَالَى وَفِي هَذَا رد قَوْله: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (٢٨)} [الجن:٢٨] " (٥).

ويقول التفتازاني: " نعم في إثبات الجوهر الفرد نجاة عن كثير من ظلمات الفلاسفة، مثل إثبات الهيولى والصورة المؤدي إلى قدم العالم، ونفي حشر الأجساد " (٦).


(١) الطوفي: شرح مختصر الروضة: ت: د. عبدالله التركي (٣/ ٢٥٧).
(٢) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٢٤٨).
(٣) ابن تيمية: منهاج السنة النبوية: (٢/ ١٣٨)، ابن تيمية: تعارض العقل والنقل: (١/ ٣٠٣ - ٨/ ٩٣).
(٤) الجويني: الشامل في أصول الدين: (١/ ٤٩)، انظر: ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٢٤٨)، ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (١٧/ ٣١٦)، ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: (٥/ ٣٩١).
(٥) البغدادي: الفرق بين الفرق:، ص (٣١٦).
(٦) التفتازاني: شرح العقائد النسفية:،ص (٩٨)، الرديعان: عقيدة الأشاعرة:، ص (٥٧٣)

<<  <   >  >>