للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية على هذه الإجماع المدعى، وقال ضمن ردوده على من حكى هذا الإجماع: " وهذا لأن هؤلاء لم يعرفوا من الأقوال المنسوبة إلى المسلمين إلا ما وجدوه في كتب شيوخهم أهل الكلام المحدث في الدين الذي ذمه السلف والأئمة " (١).

وقال أيضا: " ولكن حاكي هذا الإجماع لما لم يعرف أصول الدين إلا ما في كتب الكلام، ولم يجد إلا من يقول بذلك، اعتقد هذا إجماع المسلمين: " (٢).

فهذه الإجماعات التي تُحكى لا قيمة لها؛ لأنهم قد يحكون الإجماع على ما يعتقدونه من لوازم أقوالهم، يقول شيخ الإسلام في معرض الرد على أمثال هذه الإجماعات: " وهذا القول الذي يحكيه هذا وأمثاله من إجماع المسلمين أو إجماع المليين في مواضع كثيرة، يحكونه بحسب ما يعتقدونه من لوازم أقوالهم، وكثير من الإجماعات التي يحكيها أهل الكلام هي من هذا الباب فإن أحدهم قد يرى أن صحة الإسلام لا تقوم إلا بذلك الدليل، وهم يعلمون أن المسلمين متفقون على صحة الإسلام، فيحكون الإجماع على ما يظنونه من لوازم الإسلام، كما يحكون الإجماع على المقدمات التي يظنون أن صحة الإسلام مستلزمة لصحتها، وأن صحتها من لوازم صحة الإسلام ... أو يكونون لم يعرفوا من المسلمين إلا قولين أو ثلاثة، فيحكون الإجماع على نفي ما سواها " (٣).

٤ - رد نظرية الجوهر الفرد:

من الأمور التي تُقوِّض (٤) نظرية الجوهر الفرد، وتنقضها وتقضي عليها ما يلي:


(١) ابن تيمية: منهاج السنة النبوية: (٢/ ١٣٨).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (١٧/ ٣١٦).
(٣) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: (٨/ ٩٥)، ابن تيمية: النبوات: (١/ ٤٧٩).
(٤) قوَّض: قال ابن فارس: " القاف والواو والضاد، كلمة تدل على نقض بناء، يُقال: قوَّضت البناء: نقضته من غير هدم " معجم مقاييس اللغة: (٥/ ٤١)، وانظر: الفراهيدي: العين: (٥/ ١٨٥).

<<  <   >  >>