للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كان يوسف عليه السلام، قد اشتهر في السجن بالجود، والأمانة وصدق الحديث، وحسن السمت، وكثرة العبادة، ومعرفة التعبير والإحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم، والقيام بحقوقهم (١)، أثنى عليه أهل السجن حتى قالوا: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)} [يوسف:٣٦] فيوسف عليه السلام، قد أحسن إلى نفسه بطاعة الله جل وعلا، وأحسن إلى غيره بمساعدتهم، ومد يد العون لهم، يقول الإمام الضحاك في تفسير إحسان يوسف عليه السلام:" كان يوسف إذا مرض إنسان في السجن قام عليه وإذا ضاق عليه المكان أوسع له، وإذا احتاج سأله أو جمع له". وقال قتادة: "كان إحسانه فيما ذُكر لنا: أنه كان يعزي حزينهم، ويداوي مريضهم، ورأوا منه عبادة واجتهاداً، فأحبوه على حظه" (٢)، ولذا يقول الإمام أبو حاتم بن حبان:" والناس مجبولون على محبة الإحسان، وكراهية الأذى، واتخاذ المحسن إليهم حبيباً، واتخاذ المسيء إليهم عدواً " (٣)، ومن هنا قال بعض الحكماء: الإحسان رق، والمكافأة عتق، وقيل لبعض الحكماء: أي شيء من أفعال الناس، أشبه بأفعال الإله؟ قال: الإحسان إلى الناس (٤).


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط ٢ - ١٤٢٠ هـ: (٤/ ٣٨٧)
(٢) ابن أبي حاتم: تفسير ابن أبي حاتم، مكتبة الباز -مكة المكرمة، ط ٣ ١٤١٩ هـ (٧/ ٢١٤٣)
(٣) أبو حاتم بن حبان: روضة العقلاء، دار الكتب العلمية - بيروت:، ص (٢٤٣)
(٤) الماوردي: أدب الدنيا والدين، دار مكتبة الحياة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، ص (١٨٩ - ٣٣٦)

<<  <   >  >>