فلا أمان للمجتمعات من الانحدار، ولا سبيل لها للارتقاء، إلا في ظل اليقين، وتحت سقف الإيمان بيوم الدين، فالإيمان بالآخرة، جدير بخلق مجتمع طاهر نزيه عفيف، يقوم على ساق الأخلاق التي بها يُقضى على كثير من الانحرافات، فالتربية الأخلاقية "خير وسيلة للقضاء على مشكلة ازدياد الجرائم والانحرافات، بجميع أشكالها وألوانها؛ لأن وظيفة التربية الأخلاقية , بناء جيل ملتزم بالخير , متجنب للشرور " (١).
وخلاصة الأمر:
أن الإيمان باليوم الآخر , يصنع مجتمعاً تكاملياً , تظهر فيه كل المعاني الجميلة , والأخلاق الحميدة , من الكرم الجود , والتعاون والإخاء , والمحبة والوفاء، فيكون المجتمع بكل أطيافه حارس أمن , وقائدا للسلامة.
وأن الإيمان باليوم الآخر، له صلة وثيقة بالصحة النفسية والجسدية؛ فالمؤمن بالآخرة لا يغتم بحلول المصائب والنكبات عليه؛ لأنه يستقبل ذلك بصدر رحب، ونفس مطمئنة راضية بالقضاء والقدر , فيعيش سعيداً. وهذا بدوره ينعكس على المجتمع بالإيجابية؛ لأنه حينئذ سيقل أو يتلاشي معول فساد القلب، الذي ربما حمل في طياته معاني سيئة، من الغل والحقد والحسد , فهذا طريق من طرق سلامة المجتمع واستقراره.
وأن الإيمان بالآخرة، سبب لاستقرار الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسة والاقتصادية؛ لأن المؤمن بالآخرة, يخشى مقام ربه , فلا يغش , ولا يرابي، ولا ينافق , ولا يرائي , ولا يغتاب , ولا ينم , ولا يخدع , ولا يتجبر , ولا يتكبر , وتلاشي هذه الأمور وانعدامها، كفيلة بأمان المجتمعات واستقرارها.
ومتى خلا قلب المرء من الآخرة، وقع في هذه المثالب والمعايب , فأصبحت كالسوس الذي ينخر في جسد المجتمع حتى يهلكه.
وأن الإيمان باليوم الآخر، سبب لحفظ الأسر المسلمة من الانهيار والسقوط , فالأسر المبنية على الإيمان , لا تؤثر فيها العواصف , ولا تهزها المواقف , فهي أسر متماسكة متلاحمة.
(١) مقداد يالجن: علم الأخلاق الإسلامية، دار عالم الكتب - الرياض، ط ١ ١٤١٣ هـ، ص (١١)