للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج - أن هذه النظرية لا زالت عاجزة عن تفسير بعض قضاياها، " مثل مسألة ما إذا كانت الذرات ذات ثقل، ومسألة المصدر الأصلي للحركة ومسألة الضرورة، فما زالت موضعا للتخمين " (١).

د - مما استدل به شيخ الإسلام على فساد هذه النظرية، أن ما يسمونه بالجوهر الفرد ممتنع وجوده على تفسير المتكلمين له، فيقول: " وإذا كان لكل شيء مخلوق قيام وقدر، دل ذلك على فساد قول من أثبت الجوهر الفرد، ومن قال: العرض لا يبقى زمانين.

فإن الذين يقولون بالجوهر الفرد يثبتون شيئا لا تتميز يمينه عن يساره، ولا يعرف بالحس، وهو ممتنع وجوده، فإن وجود ما لا يتميز منه جانب عن جانب ممتنع، وإنما يفرضونه في الذهن.

وعلى قولهم لا قدر له، والله تعالى قد جعل لكل شيء قدرا، فما لا قدر له لم يخلق، بل هو ممتنع " (٢).

وانطلق شيخ الإسلام من هذا التفسير للجواهر الفردة، المخالفة للعقل في الرد عليهم فقال: " وأما مخالفة العقل: فإثبات الجوهر الفرد، إثبات شيء موجود لا يتميز منه شيء عن شيء، فإذا وضع جوهر بين جوهرين، فإن كان الذي يماس هذا الجانب فقد التقى الجوهران، وإن كان غيره فقد ثبت الانقسام " (٣).

ويذهب الإمام ابن تيمية إلى مذهب آخر للرد عليهم، وإبطال نظريتهم في الجوهر الفرد، وذلك أن مذهب القائلين بالجواهر الفردة: أن الذوات لا تستحيل عندهم، بل تلك الجواهر التي كانت في الأول هي بعينها في الثاني! وذكر الإمام أن الفقهاء متفقون على استحالة بعض الأجسام إلى بعض كاستحالة العذرة إلى رماد، والخنزير إلى ملح. (٤)


(١) مصطفى حلمي: منهج علماء الحديث: ص (١٨٩).
(٢) ابن تيمية: جامع المسائل: (٥/ ١٦٨).
(٣) ابن تيمية: جامع المسائل: (٥/ ١٧٢)، ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٤/ ١٦٠).
(٤) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (١٧/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>