للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال رحمه الله تعالى: " فنحن نشاهد الهواء يستحيل ماء إذا وضع في الزجاج ونحوه ثلج صار عليه ماء يقطر، ومعلوم أن الثلج لم يثقب الزجاج بل الهواء الذي أحاط به برد فاستحال ماء، كما يحيل الله سحابا وماء ... وكذلك الهواء يستحيل نارا، فإذا قرب ذبالة المصباح إلى النار أوقد، مع أنه لم يخرج من تلك النار شيء، ولكن الهواء المحيط بالذبالة استحال نارا لما سخن سخونة شديدة. فالهواء يبرد فيستحيل ماء، ويسخن فيستحيل نارا " (١).

فيرى شيخ الإسلام أن الأجزاء إذا تصغرت استحالت، فأجزاء الماء إذا تصغرت فإنها تستحيل فتصير هواء، فما دامت موجودة فإنه يتميز منها جانب عن جانب، فلا يوجد شيء لا يتميز بعضه عن بعض (٢). على أن علماء الفيزياء الذرية، والكيمياء الحيوية، في موافقة ومواءمة مع هذه القضية.

فعلم الكيمياء الحديث، يقوم على تحويل بعض المركبات المعينة، ذات الصفات الخاصة، إلى مركبات أخرى ذات خصائص وصفات مختلفة عن الأولى. وعلم الفيزياء الذرية يقرر إمكانية تحطيم الذرة، وتحويلها إلى عناصر أخرى، بل وتحويلها إلى طاقة، وهذا كله موافق لما ذهب إليه شيخ الإسلام إلى استحالة الأجزاء متى تصغرت.

هـ - ظهور آلة تحطيم الجوهر الفرد، يقول الشيخ الشعراوي: " لم يكن أحد يعرف أن هناك ما هو أصغر من الذرة، وكنا جميعاً حتى ما قبل الحرب العالمية الأولى، لا نعلم أن هناك شيئاً أصغر من الذرة، وكان العلماء يعتقدون أن الذرة هي الجزء الذي لا يتجزَّأ؛ لأنها أصغر ما يقع عليه البصر فضرب الله مثلاً ... بالأقل في زمن نزول القرآن.


(١) ابن تيمية: جامع المسائل: (٥/ ١٧٢).
(٢) ابن تيمية: منهاج السنة النبوية: (٢/ ٢١٠)، ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ص (٤٠٦).

<<  <   >  >>