للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما تقدم العلم بعد الحرب العالمية الأولى، واخترعت ألمانيا آلةً لتحطيم الذرة، قيل عنها: إنها آلة تحطيم الجوهر الفرد، أي: الشيء الذي لا ينقسم وهذه الآلة مكونة من اسطوانتين مثل اسطوانتي عَصَّارة القصب، والمسافة بين الاسطوانتين لا تكاد تُرَى، وحين حَطَّمت ألمانيا ما قيل عنه «الجوهر الفرد» تحول إلى ما هو أقل منه، وتفتَّتت الذرّة " (١)، ونجحوا، وأصبح هناك شيء آخر أقل من الذرة.

والعلم الحديث يُؤكد " أن الأجسام مركبة من ذرات، لكن الذرات ليست متماثلة، فليست ذرة الأكسجين هي ذرة الهيدروجين، ولا ذرة الحديد هي ذرة الزئبق. ثم إن هذه الذرات ليست هي أصغر شيء، بل هي مركبة من إليكترون، ونيكترون، ونواة، ففيها شحنات كهربائية متعادلة " (٢). ولذا قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: " جاء العلم الحديث ففتت الذرة وجعل لها أجزاء " (٣)، وقال د. الزنيدي: " ثم انهارت نظرية الجوهر الفرد وتجزأ الجزء الذي لا يتجزأ إلى طاقة، حينما فجرت الذرة، وكان هذا انهياراً لعلم الكلام القائم على هذه النظرية، ولو كان علم الكلام هو الحامل للواء الإسلام حينما فجرت الذرة، لكان ذلك سلاحاً بيد أعداء الإسلام، لتأكيد بطلانه نتيجة هذا الفساد لأساسه " (٤).

و- أن هذه النظرية مخالفة للعقل والحس والفطرة، كإنكار الأسباب والزعم بأن الأجسام متماثلة في الجواهر مختلفة في الأعراض فقط، فمثلاً الثلج مماثل للنار من كل وجه، ولذا فقد أبطل بعضهم علم الهندسة لأجل هذه النظرية ومن هنا يقول التفتازاني: " إن الأجسام متماثلة، أي متحدة الحقيقة، وإنما الاختلاف بالعوارض، وهذا أصل يبتني عليه كثير من قواعد الإسلام كإثبات القادر المختار، وكثير من أحوال النبوة والمعاد " (٥).

٥ - الخلاصة:


(١) الشعراوي: تفسير الشعراوي، - الخواطر-: (٤/ ٢٢٤٥ - ١٠/ ٦٠١٩).
(٢) أحمد عبداللطيف: شرح الرسالة التدمرية: ص (٣٥٥).
(٣) الشنقيطي: أضواء البيان: (٩/ ٦٩).
(٤) عبدالله السهلي: نقد المواقف في علم الكلام بحث محكم في كلية دار العلوم - القاهرة، ٢٠٠ م ص (٢١).
(٥) التفتازاني: شرح المقاصد: (١/ ٣١٨).

<<  <   >  >>