للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه المسألة قطعا ليست من أصول الدين، وإذا لم تكن من أصول الدين فإن المتكلمين " إذا أثبتوا من أصول الدين، ما يعلم بالاضطرار أنه ليس من أصول الدين، لزم قطعًا تغيير الدين وتبديله. ولهذا زاد أهل هذا الفن في الدين ونقصوا منه علمًا وعملاً، وإذا كان كذلك لم يكن الخوض في هذه المسألة مما يبنى عليه الدين، بل مسألة من مسائل الأمور الطبيعية، كالقول في غيرها من أحكام الأجسام الكلية " (١)، ومن هنا " أطبق أئمة الإسلام على ذم من بنى دينه على الكلام في الجواهر والأعراض " (٢).

فالنجاة التمسك بما كان عليه الصدر الأول، الذين كانوا " أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأحسنها حالا، وأقومها هديا. فإنهم جاؤوا بما يكفي وما يشفي، ولم يحدث بعدهم خير كامن لم يعلموه " (٣)، ولذا " قال أَبُو الوفاء بْن عقيل لبعض أصحابه: أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فَإِن رضيت أن تكون مثلهم فكن، وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بَكْر وعمر، فبئس مَا رأيت "


(١) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٢٥١)
(٢) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٢٥١)
(٣) انظر البنا: الفتح الرباني: (٢٢/ ١٧٠) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: (١/ ٩٦)، ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (٤/ ١٥٨).

<<  <   >  >>