للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ «(١)، فيظهر جليا من هذا الحديث الشريف وحدة المعتقد، التي تدل على وحدة المصدر.

قال الإمام النووي: " قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَصْلُ إِيمَانِهِمْ وَاحِدٌ وَشَرَائِعُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي أُصُولِ التَّوْحِيدِ، وأما فروع الشرائع فوقع فيها الاختلاف " (٢)، وقال الحافظ ابن حجر: " ومعنى الحديث: أن أصل دينهم واحد، وهو التوحيد، وإن اختلفت فروع الشرائع " (٣)، وقال القاضي عياض: " وقوله (ودينهم واحد): إنما يرجع إلى التوحيد الذي هم مجمعون عليه، أو على طاعة الله، واتباع شرائعه على الجملة، وأما شرائعهم فمختلفة " (٤).

" والحاصل أن الغاية القصوى من البعثة التي بعثوا جميعا لأجلها، دعوة الخلق إلى معرفة الحق، وإرشادهم إلى ما به ينتظم معاشهم، ويحسن معادهم فهم متفقون في هذا الأصل، وإن اختلفوا في تفاريع الشرائع " (٥).


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله الله تعالى (واذكر في الكتاب ... ) ح (٣٤٤٣)، وأخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام ح (٢٣٦٥).
(٢) النووي: شرح مسلم،: (١٥/ ١١٩).
(٣) بن حجر: فتح الباري: (٦/ ٤٠٩).
(٤) القاضي عياض: إكمال المعلم بفوائد مسلم: (٧/ ٣٣٨).
(٥) المناوي: فيض القدير: (٣/ ٣٧)

<<  <   >  >>