للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن جملة ما اتفقت عليه الشرائع: اليوم الآخر الذي هو أس العقيدة وأصل أركان الدين والإيمان، بعد الإيمان بالله تعالى. فهذا الإيمان الجازم والفرض اللازم، باليوم الآخر الحاسم، الذي يُحكم بكفر منكره، وردة جاحده، هو الذي اتفقت عليه جميع الشرائع، وجاء بالدعوة إليه سائر الأنبياء والمرسلين يقول الإمام ابن تيمية: " ولا ريب أن هذه الأصول الثلاثة هي أصول الإيمان الخبرية العلمية، وهي جميعها داخلة في كل ملة وفي إرسال كل رسول فجميع الرسل اتفقت عليها، كما اتفقت على أصول الإيمان العملية أيضا، مثل: إيجاب عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وإيجاب الصدق، والعدل، وبر الوالدين، وتحريم الكذب، والظلم، والفواحش فإن هذه الأصول الكلية علما وعملا هي الأصول التي اتفقت عليها الرسل كلهم " (١).

ويقول في موضع آخر: " بل هم - اليهود والنصارى والمسلمون - متفقون على الإيمان باليوم الآخر، وقد تنازعوا في بعض معانيها " (٢).

وقد استفاضت نصوص علماء الإسلام واشتهرت، في بيان هذا المبدأ الذي تواردت عليه جميع الشرائع، يقول الإمام الشوكاني: " والحاصل أن هذا أمر اتفقت عليه الشرائع، ونطقت به كتب الله عز وجل، سابقها ولاحقها وتطابقت عليه الرسل، أولهم وآخرهم، ولم يخالف فيه أحد منهم، وهكذا اتفق على ذلك أتباع جميع الأنبياء من أهل الملل، ولم يسمع عن أحد منهم أنه أنكر ذلك قط " (٣).

ومعلوم أن الله تعالى جعل لقيام الساعة علامات وأمارات، قال سبحانه وتعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد:١٨] فقوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي: أماراتها وعلاماتها (٤)، قال مقاتل: " يعني: أعلامها، يعني: انشقاق القمر، وخروج الدجال، وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم -" (٥).


(١) ابن تيمية: شرح العقيدة الأصفهانية: ص (١٦٧)
(٢) ابن تيمية: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ص (٢/ ٤٤١)
(٣) الشوكاني: إرشاد الثقات: ص (١٤).
(٤) البغوي: معالم التنزيل: (٧/ ٢٨٤).
(٥) مقاتل: تفسير مقاتل بن سليمان: (٤/ ٤٨).

<<  <   >  >>