للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دل الإيمان باليوم الآخر، على بقية الإركان بدلالة اللزوم، يقول العلامة المناوي: " واكتفى بهما عن الإيمان بالرسل والكتب وغيرهما لأن الإيمان باليوم الآخر على ما هو عليه يستلزمه " (١).

الثانية: ما أشار إليه العلماء، من أسرار وحِكَم تخصيص اقتران الإيمان بالله تعالى باليوم الآخر أكثر من غيره، فقد ذكروا أوجها متعددة في سر هذا الاقتران يجمعها قوة اللفظ والتعبير، الموجب للخوف والتغيير. فلفظ اليوم الآخر يُشعر برهبة مع طُمأنينة، وارتعاد مع سكون، ووجل مع حذر فيحرك النفس، ويُحفز الوجدان، ويقود الجوارح؛ للاستعداد والعمل.

وإن الدوافع الفطرية الجامحة التي فُطر عليها البشر، من حب للبقاء والأخذ والنماء، والتملك والارتقاء، التي ربما جنح المرء فيها عن طريق الصواب ليحصلها، فأمام هذه الدوافع والمغريات، تقف التجارب البشرية عاجزة لضبطها ووقف زحفها، وحينها " لا شيء يمكن أن يعين الإنسان على ضبط هذه الدوافع، والوقوف بها عند الحدود المأمونة التي فرضها الله، قدر ما يعينه الإيمان باليوم الآخر، الذي يعوض فيه الإنسان عن كل حرمان تعرض له في الأرض، بنعيم دائم لا ينفد، فضلًا عن كونه نعيمًا أجمل وأصفى وأجود " (٢).

فالتذكير باليوم الآخر " يقوي الوازع النفسي الذي يصد الإنسان عن الباطل والشر، والظلم والبغي، ويُرغبه في التزام الحق، والخير وعمل البر " (٣).


(١) المناوي: فيض القدير: (٦/ ٢٠٩).
(٢) محمد قطب: منهج التربية الإسلامية: (٢/ ٢٩٠).
(٣) محمد رشيد رضا: تفسير المنار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٠ م (١١/ ١٧٥).

<<  <   >  >>