أما المنهج الشرعي القرآني فهو يقوم على تربية النفس، وتقوية الوازع الديني الإيماني، فتجعل من الحياة الدنيا مزرعة للآخرة، ومعبرا إليها ... تذكره كل لحظة بقضية الجزاء العادل يوم الدين، إذ " الحكمة والعدل يقضيان بالحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، كما يقضيان بأن ينال المحسن إحسانه، والمسيء إساءته ... حتى يُطَهَّر المسيء من دنس النفس، ويكون أهلا لرحمة الله الكاملة ...
وقد تعرّض أحد القضاة الفرنسيين لتاريخ القضاء في فرنسا، وأصدر كتابا ذكر فيه عددا من الحالات، حكم فيها بالإعدام أو الإدانة على متّهمين، ثم برّأتهم الأيّام والحقائق، وأحصى عددا من الحالات، برّأ القضاء فيها متّهمين ثم أثبتت الأيام وحقائق الأحداث أنّهم مدانون.
ثم عقّب القاضي بقوله: إنه لا بدّ من جزاء وحساب أمام قاض آخر، لا تخفى عليه خافية ولا تغيب عنه حادثة، في دار أخرى؛ ليعوّض الناس عن أخطاء القضاء في الدنيا، وليكون حكمه فيصلا ومنصفا للمظلومين، ورادعا للمجرمين " (١).
(١) جعفر شرف الدين: الموسوعة القرآنية - خصائص السور، دار التقريب بين المذاهب: (٣/ ٧)