فَقَرَأَ على جمَاعَة من أعيانها مِنْهُم السَّيِّد الْعَلامَة مُحَمَّد بن إسماعيل الْأَمِير وَالسَّيِّد يُوسُف العجمي وَجَمَاعَة آخرين في علم الْعَرَبيَّة وَغَيره ودرس وَأفَاد وَهُوَ من السَّادة القادة النجباء الكملاء والعقلاء وَفِيه مُرُوءَة وفتوة وَحسن أَخْلَاق وملاحة محاضرة وجودة بادرة وَحفظ الْأَخْبَار النادرة والأشعار الرائقة وَقد مَال إليه مَوْلَانَا الإمام الْمَنْصُور بِاللَّه علي بن الْعَبَّاس حفظه الله فَصَارَ يَدعُوهُ إلى مقَامه في كثير من الْأَوْقَات ويجالسه وَكَثِيرًا مَا يَقع الِاجْتِمَاع بيني وَبَينه هُنَالك أما في يَوْم الْجُمُعَة للحضور عِنْد الْخَلِيفَة حفظه الله للعشاء والقهوة فعلى سَبِيل الِاسْتِمْرَار ويجري بَيْننَا هُنَالك من المذاكرات الأدبية والعلمية مَا تشنف الأسماع وَهُوَ يُورد مَا يُطَابق الْمقَام ويوافق مُقْتَضى الْحَال ويبحث معي في كثير من الْمعَانى الدقيقة والطرائق الرقيقة وَالْأَخْبَار الرشيقة وَفِيه من سمو الهمة عزة النَّفس مَا لَا يقدر عَلَيْهِ غَيره لاسيما في مثل هَذِه المواطن الَّتِى يظْهر فِيهَا جَوَاهِر الرِّجَال فإني لم أسمع مِنْهُ على طول مُدَّة اجتماعي بِهِ هُنَالك كلمة مؤذنة بالخضوع لمطلب من مطَالب الدُّنْيَا الدُّنْيَا لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَلْوِيحًا بل يستطرد فِي كَلَامه قصصاً ووقائع فِيهَا مواعظ لَهَا وَقع في الْقُلُوب قَاصِدا بذلك التَّعَرُّض للثَّواب الأخروي وَقد صَار حَال تَحْرِير هَذِه الأحرف وَهُوَ سنة ١٢١٣ في ثَمَانِينَ سنة وَله نشاط تَامّ إلى الْحَرَكَة وركوب الْخَيل الَّتِى يهاب ركُوبهَا أَكثر الشَّبَاب فإن مَوْلَانَا حفظه الله يركبه على خيله الْمعدة لركوبه عَلَيْهَا في كثير من الْحَالَات وَلم ينقص شئ من حواسه الظَّاهِرَة والباطنة إِلَّا مُجَرّد ثقل يسير فِي سَمعه وَهُوَ مواظب على الطَّاعَات يعين الضُّعَفَاء بِمَا يقدر عَلَيْهِ من ملكه أَو بالشفاعة ثمَّ مَاتَ