للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما رَآهُ من آدابه وفضائله وَألبسهُ بعد الْعود شعار السلطنة وَبَين يَدَيْهِ جَمِيع خَواص النَّاصِر وَسَائِر النَّاس وَمَشى السلحدار بِالسِّلَاحِ والدويدار الْكَبِير بالدواة والغاشية والعصايب وَجَمِيع دست السُّلْطَان بَين يَدَيْهِ وَكَانَ جملَة مَا وصل إلى أهل الدولة بِسَبَبِهِ في هَذَا الْيَوْم مائَة وَثَلَاثِينَ تَشْرِيفًا مِنْهَا ثلَاثه عشر أطلس وَكَانَ يزور السُّلْطَان فِي كل سنة غَالِبا وَمَعَهُ الْهَدَايَا والتحف وَأمر السُّلْطَان جَمِيع النواب أَن يكتبو اليه يقبل الأَرْض وَهَذَا لفظ يخْتَص بالسلطان الْأَعْظَم وَكَانَ النَّاصِر نَفسه يكْتب إليه ذَلِك وَكَانَ جواداً شجاعاً عَالما بفنون عدَّة لاسيما الْأَدَب فَلهُ فِيهِ يَد طولى نظم الحاوي فِي الْفِقْه وصنف تَارِيخه الْمَشْهُور ونظم الشّعْر والموشحات وَكَانَ لَهُ معرفَة بِعلم الْهَيْئَة قَالَ ابْن حجر في الدُّرَر الكامنة وَلَا أعرف فِي اُحْدُ من الْمُلُوك من المدايح مالابن نَبَاته والشهاب مَحْمُود وَغَيرهمَا فِيهِ إلا سيف الدولة وَقد مدح النَّاس غَيرهمَا من الْمُلُوك لَكِن اجتمع لهذين من الْكَثْرَة والإجادة من الفحول مالم يتَّفق لغَيْرِهِمَا وَكَانَ يحب أهل الْعلم ويقربهم وَكَانَ لِابْنِ نَبَاته عَلَيْهِ راتب في كل سنة يصل إليه سوى مَا يتحفه بِهِ إذا قدم عَلَيْهِ وَكَانَ النَّاصِر يكْتب إليه اعز الله أنصار الْمقَام الشريف العالي السلطاني الملكى المؤيدى وَهَذَا وَهُوَ نَائِب من نوابه وَكَانَ نَائِب النَّاصِر في الشَّام وَهُوَ أكبر النواب يكْتب إلى صَاحب التَّرْجَمَة يقبل الأَرْض وَأما غير نَائِب الشَّام فَيكْتب إليه يقبل الأَرْض وَينْهى وَاسْتمرّ على حَاله الْجَمِيل حَتَّى مَاتَ في شهر محرم سنة ٧٣٢ وَمن نظمه

(أحسن بِهِ طرفاً أفوت بِهِ القضا ... إن رمته فِي مطلب أَو مهرب)

(مثل الغزالة مَا بَدَت في مشرق ... إلا بَدَت أنوارها في الْمغرب)

<<  <  ج: ص:  >  >>