مُلُوك مصر ويكاتبونه ويهاديهم ويهادونه وَكَانَ ضخماً وافر الحرمة نَافِذ الْكَلِمَة نَحوا من أَبِيه مَعَ عفة وَعدل فِي الْجُمْلَة وميل إلى الْعلم وَأَهله ووصلت مِنْهُ كتب إلى سُلْطَان مصر يستدعي فتح الباري وَلم يكن قد فرغ مِنْهُ مُؤَلفه فجهزله بعضه وجهزت بَقِيَّته بعد ذَلِك وَكَانَ متواضعاً محببا الى رَعيته مكرما لأهل الْعلم قَاضِيا لحوايجهم لَا يضع المَال إلا في حَقه ضَعِيفا فِي بدنه يَعْتَرِيه الفالج كثيراً يحب السماع بل يعرفهُ وَيضْرب بِالْعودِ مَعَ حَظّ من الْعِبَادَة والأوراد ومحافظة على الطَّهَارَة الْكَامِلَة وَيجْلس مُسْتَقْبل الْقبْلَة والمصحف بَين يَدَيْهِ وَاتفقَ أَنه طلب من الأشرف برسباي الْمُتَقَدّم ذكره أن يَأْذَن لَهُ في كسْوَة الْبَيْت لكَونه نذر بذلك فأبى الأشرف وخشن لَهُ في الرَّد وترددت الرُّسُل بَينهمَا مرَارًا وَبَالغ في طلب ذَلِك وَلَو تكون الْكسْوَة الَّتِى يرسلها من دَاخل الْكَعْبَة أَو يرسلها إلى الأشرف وَهُوَ يُرْسل بهَا وَفَاء لنذرة وَهُوَ يمْتَنع محتجاً بأجوبة أجَاب بهَا عَلَيْهِ جمَاعَة من المفتيين ثمَّ أن المترجم لَهُ أرسل إلى برسباي جمَاعَة زعم أَنهم أَشْرَاف وعَلى يدهم خلعة لَهُ فَاشْتَدَّ غَضَبه من ذَلِك ثمَّ جلس بالأصطبل السلطاني واستدعاهم ثمَّ أَمر بالخلعة فمزقت وضربهم بِحَيْثُ اشرف عظيمهم على الْهَلَاك ثمَّ ألقوا منكسين فِي فسقية مَاء بالإسطبل والخدم ممسكون بأرجلهم يغمسونهم بِالْمَاءِ حَتَّى أشرفوا على الْهَلَاك وَالسُّلْطَان مَعَ ذَلِك يسب مرسلهم جهاراً ويحط من قدره مَعَ مزِيد تغير لَونه لشدَّة غَضَبه ثمَّ قَالَ لَهُم وَقد جِيءَ بهم إلى بَين يَدَيْهِ بعد ذَلِك قُولُوا لشاه رخ الْكَلَام الْكثير لَا يصلح إلا من النِّسَاء وَكَلَام الرِّجَال لاسيما الْمُلُوك إنما هُوَ فعل وَهَا أَنا قد أبدعت فِيكُم كسراً لِحُرْمَتِهِ فإن كَانَ لَهُ مَادَّة وَقُوَّة فليتقدم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute