كَمَا نشاهده الْآن في أهل عصرنا وَكَذَلِكَ سُكُوته عِنْد قَول القايل لَهُ تجمع لَك أهل كل فن من فنون الِاجْتِهَاد فإن هَذَا كَلَام خَارج عَن الإنصاف لِأَن رب الْفُنُون الْكَثِيرَة لَا يبلغ تَحْقِيق كل وَاحِد مِنْهَا مَا يبلغهُ من هُوَ مشتغل بِهِ على انْفِرَاده وَهَذَا مَعْلُوم لكل اُحْدُ وَكَذَا قَوْله إنه مسخ كَذَا وَأخذ كَذَا لَيْسَ بِعَيْب فإن هَذَا مازال دأب المصنفين يأتي الآخر فَيَأْخُذ من كتب من قبله فيختصر أَو يُوضح اَوْ يعْتَرض أَو نَحْو ذَلِك من الْأَغْرَاض الَّتِى هي الباعثة على التصنيف وَمن ذَاك الذي يعمد إلى فن قد صنف فِيهِ من قبله فَلَا يَأْخُذ من كَلَامه وَقَوله إنه رأى بَعْضهَا في ورقة لَا يُخَالف مَا حَكَاهُ صَاحب التَّرْجَمَة من ذكر عدد مصنفاته فإنه لم يقل انها زَادَت على ثلثمِائة مُجَلد بل قَالَ انها زَادَت على ثلثماية كتاب وَهَذَا الِاسْم يصدق على الورقة وَمَا فَوْقهَا وَقَوله إنه كذبه القميصي بتصريحه أَنه بقي من الْمسند بَقِيَّة لَيْسَ بتكذيب فَرُبمَا كَانَت تِلْكَ الْبَقِيَّة يسيرَة وَالْحكم للأغلب لاسيما والسهو وَالنِّسْيَان من الْعَوَارِض البشرية فَيمكن أَنه حصل أَحدهمَا للشَّيْخ أَو تِلْمِيذه وَقَوله أنه كثير التَّصْحِيف والتحريف مُجَرّد دَعْوَى عاطلة عَن الْبُرْهَان فَهَذِهِ مؤلفاته على ظهر البسيطة محررة أحسن تَحْرِير ومتقنة أبلغ إتقان وعَلى كل حَال فَهُوَ غير مَقْبُول عَلَيْهِ لما عرفت من قَول أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل بِعَدَمِ قبُول الأقران في بَعضهم بَعْضًا مَعَ ظُهُور أدنى مُنَافَسَة فَكيف بِمثل المنافسة بَين هذَيْن الرجلَيْن الَّتِى أفضت إِلَى تأليف بَعضهم في بعض فإن أقل من هَذَا يُوجب عدم الْقبُول والسخاوي رَحمَه الله وإن كَانَ إماماً غير مَدْفُوع لكنه كثير التحامل على أكَابِر أقرانه كَمَا يعرف ذَلِك من طالع كِتَابه الضَّوْء اللامع فإنه لَا يُقيم