وَبعد فإنه وصل إِلَى الحقير ذَلِك العقد الجوهري الَّذِي هُوَ بِكُل الأمداح الصِّحَاح الفصاح الصَّباح حري وَأَقُول سُبْحَانَ المانح الفاتح فَلَقَد تلهت وولهت ودلهت بِمَا خبر بِهِ كل غاد ورائح لعمرك مَا كنت أَحسب أَنه بَقِي من يسمو إِلَى هَذِه الطَّبَقَة الَّتِى هى فَوق الطباق وَلَا كَانَ يمر بفكري أَنه قد نشأ لهَذِهِ الصِّنَاعَة من رقي فِيهَا إِلَى هَذِه الْغَايَة الَّتِى لَا تطاق وَالْحَمْد لله الذي زين الْعَصْر بمثلك وَحفظ شرعة الْآدَاب بوافر علمك وفضلك ونبلك وليعلم الْأَخ أيده الله أن جواد قريحتي القريحة لَا يجري بِهَذَا الميدان وَسنَان فكرتي السقيمة العقيمة لَا تغني عِنْد تطاعن الفرسان بالمران فإني على مُرُور الأعصار لم أتلبس بشعار الْأَشْعَار وَلَا رضت ذهنى الكليل بالطراد فِي هَذَا الْمِضْمَار
(وَمَا الشّعْر هَذَا من شعاري وإنما ... أجرب فكري كَيفَ يجري نجيبه)
فَلم يكن لي من ذَلِك الا نظم الْفَقِيه فِي الأحكام أَو مَا يجري مجْرى الْكَلَام عِنْد اقْتِضَاء الْمقَام وَكنت قد عزمت أَن أتطفل على مَكَارِم أخلاقك بِطَلَب بسط الْعذر عَن الْجَواب فِرَارًا مِمَّا قَالَه ابْن الخازن فِي نظم آداب الآداب وهرباً من عراضة صحيفَة الْعقل على أنظار أَرْبَاب الألباب وحذراً من الْوُقُوع فِيمَا قَالَه أخو الْأَعْرَاب