وَهَذِه القصيدة الثَّانِيَة الْمشَار إِلَيْهَا سَابِقًا وَقد أَشَارَ فِي الْأَرْبَعَة الأبيات الَّتِى في آخرهَا إِلَى الْوَزير الْمُتَقَدّم ذكره وَكتب قبلهَا نثراً من نثره الذي يعرف بِهِ صدق مَا أسلفناه فَقَالَ
الْحَمد لله بِرَفْع الْقَلَم إِلَى مسامع عَاقد ألوية الهمم سُلْطَان عُلَمَاء الْإِسْلَام من الْعَرَب والعجم
كعبة الْفضل المرتفعة الْمقَام حَافظ الْعَصْر بالإطباق من أهل الْحل والإبرام
من تَضَمَّنت بطُون الدفاتر محامده فَللَّه ذَلِك التضمن والالتزام
وَجرى قلمه بروايع البدايع فأعيا من لَهُ بالنظم إلمام المحيي من ربوع الْمدَارِس كل مهند داثر دارس
السَّابِق في حلبة ميدان الْفَضَائِل المرتدي برد التبجيل وشملة محَاسِن الشَّمَائِل رَيْحَانَة فضلاء الْيمن سلوة المتحلي بِعقد الْفَرَائِض وَالسّنَن
سَلاما يعبق بِطيبَة نسمَة الصِّبَا وَيُعِيد لَفظه إِلَى الأجسان نشاط زمن الصِّبَا
ثمَّ ذكر بعد هَذَا التصدير القصيدة وهي
(لأغالبن الشوق فِيمَا أبرما ... ولاطفين من الجوى مَا أضرما)
(ولأ شغلن الْقلب عِنْد تذكر الْبيض ... الحسان وَإِن أَبى وتأثما)
(فَلَقَد سقاني اللَّهْو من خمر الْهوى ... قدحا وعدت إِلَى الْهدى مستعصما)
(من بعد أَن قد كنت أنهى عَن مجانية ... السلاف وَلَا أطيع اللوما)
(وأحرض الصاحي فَلَا اثم وَلَا ... جنف وأزجر بالخنا من حرما)
(ثمَّ انثنيت وَقد قضيت مآربا ... ورجوت رَبًّا بِالرِّضَا أَن يختما)
(وَإِلَى مقَام الْعِزّ قدت نجيبة ... فِي الدو دون هواي تحْتَمل الظما)
(تجرى فتتبعها ريَاح ذَات اعصار ... فَلَا يلفى براكبه السما)
(لم تدر مَا تسْعَى إِلَيْهِ وَإِنَّمَا ... رجل تخولها الرِّضَا والأنعما)