يستروي النُّصُوص من أهل الرِّوَايَة ويتمرن فِي علم الدِّرَايَة بِأَهْل الدِّرَايَة ويقتصر من كل فن على مِقْدَار الْحَاجة
والمقدار الْكَافِي من تِلْكَ الْفُنُون هُوَ مَا يتَّصل بِهِ إِلَى الْفَهم والتمييز وَلَا شك أَن التبحر فِي المعارف وَتَطْوِيل الباع فِي أَنْوَاعهَا هُوَ خير كُله لَا سِيمَا الاستكثار من علم السنة وَحفظ الْمُتُون وَمَعْرِفَة أَحْوَال رجال الْإِسْنَاد والكشف عَن كَلَام الْأَئِمَّة فِي هَذَا الشَّأْن فَإِن ذَلِك مِمَّا يُوجب تفَاوت الْمَرَاتِب بَين الْمُجْتَهدين لَا أنه يتَوَقَّف الِاجْتِهَاد عَلَيْهِ فَإِن قلت رُبمَا يقف على هَذَا الْكَلَام من هومتهئ لطلب الْعلم فَلَا يدري بِمَا ذَاك يشْتَغل وَلَا يعرف مَا هُوَ الَّذِي إِذا اقْتصر عَلَيْهِ فِي كل فن بلغ إِلَى رُتْبَة الِاجْتِهَاد وَالَّذِي يجب عَلَيْهِ عِنْده الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة قلت لَا يخفي عَلَيْك أن القرايح مُخْتَلفَة والفطن متفاوتة والأفهام متباينة فَمن النَّاس من يرْتَفع بِالْقَلِيلِ إِلَى رُتْبَة علية وَمن النَّاس من لَا يرْتَفع من حضيض التَّقْصِير بالكثير وَهَذَا مَعْلُوم بالوجدان ولكني هَهُنَا أذكر مَا يكفي بِهِ من كَانَ متوسطاً بَين الغايتين
فَأَقُول يَكْفِيهِ من علم مُفْرَدَات اللُّغَة مثل الْقَامُوس وَلَيْسَ المُرَاد إحاطته بِهِ حفظاً بل المُرَاد الممارسة لمثل هَذَا الْكتاب أَو مَا يشابهه على وَجه يَهْتَدِي بِهِ إِلَى وجدان مَا يَطْلُبهُ مِنْهُ عِنْد الْحَاجة ويكفيه فِي النَّحْو مثل الكافية لِابْنِ الْحَاجِب والألفية وَشرح مُخْتَصر من شروحها وَفِي الصّرْف مثل الشافية وَشرح من شروحها المختصرة مَعَ ان فِيهَا مَالا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَة وَفِي أصُول الْفِقْه مثل جمع الْجَوَامِع والتنقيح لِابْنِ صدر الشَّرِيعَة والمنار للنسفي أَو مُخْتَصر الْمُنْتَهى لِابْنِ الْحَاجِب أَو غَايَة السول لِابْنِ الإِمَام وَشرح من شُرُوح هَذِه المختصرات الْمَذْكُورَة مَعَ أَن فِيهَا جميعهامالا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَة بل غالبها كَذَلِك وَلَا سِيمَا تِلْكَ التدقيقات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute