الَّتِى فِي شروحها وحواشيها فَإِنَّهَا عَن علم الْكتاب وَالسّنة بمعزل وَلكنه جَاءَ فِي الْمُتَأَخِّرين من اشْتغل بعلوم أُخْرَى خَارِجَة عَن الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة ثمَّ استعملها فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة فجَاء من بعده فَظن أنها من عُلُوم الشَّرِيعَة فبعدت عَلَيْهِ الْمسَافَة وطالت عَلَيْهِ الطرق فَرُبمَا بَات دون الْمنزل وَلم يبلغ إِلَى مقْصده فَإِن وصل بذهن كليل وَفهم عليل لِأَنَّهُ قد استفرغ قوته فِي مقدماته وَهَذَا مشَاهد مَعْلُوم فَإِن غَالب طلبة عُلُوم الِاجْتِهَاد تنقضي أعمارهم فِي تَحْقِيق الْآلَات وتدقيقها وَمِنْهُم من لَا يفتح كتابا من كتب السنة وَلَا سفرا من أسفار التَّفْسِير فحال هَذَا كَحال من حصل الكاغد والحبر وبرى أقلامه ولاك دواته وَلم يكْتب حرفا فَلم يفعل الْمَقْصُود
إِذْ لَا ريب أَن الْمَقْصُود من هَذِه الْآلَات هُوَ الْكِتَابَة
كَذَلِك حَال من قبله وَمن عرف مَا ذَكرْنَاهُ سَابِقًا لم يحْتَج إِلَى قِرَاءَة كتب التَّفْسِير على الشُّيُوخ لِأَنَّهُ قد حصل مَا يفهم بِهِ الْكتاب الْعَزِيز وَإِذا أشكل عَلَيْهِ شئ من مُفْرَدَات الْقُرْآن رَجَعَ إِلَى مَا قدمنَا من أَنه يَكْفِيهِ من علم اللُّغَة وَإِذا أشكل عَلَيْهِ إعراب فَعنده من علم النَّحْو مايكفيه وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْإِشْكَال يرجع إِلَى علم الصّرْف وَإِذا وجد اخْتِلَافا فِي تفاسير السلف الَّتِى يقف عَلَيْهَا مطالعة فالقرآن عربي والمرجع لُغَة الْعَرَب فَمَا كَانَ أقرب إِلَيْهَا فَهُوَ أَحَق مِمَّا كَانَ أبعد وَمَا كَانَ من تفاسير الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ مَعَ كَونه شَيْئا يَسِيرا مَوْجُود فِي كتب السنة ثمَّ هَذَا الْمِقْدَار الذي قدمنَا يكفي فِي معرفَة معاني متون الحَدِيث
وَأما مَا يَكْفِيهِ فِي معرفَة كَون الحَدِيث صَحِيحا أَو غير صَحِيح فقد قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى ذَلِك ونزيده ايضاحا فَنَقُول إِذا قَالَ امام من أَئِمَّة الحَدِيث الْمَشْهُورين بِالْحِفْظِ وَالْعَدَالَة وَحسن