الْمعرفَة أَنه لم يذكر فِي كِتَابه الاما كَانَ صَحِيحا وَكَانَ مِمَّن مارس هَذَا الشَّأْن ممارسة كُلية كصاحبى الصَّحِيحَيْنِ وبعدهما صَحِيح ابْن حبَان وصحيح ابْن خُزَيْمَة وَنَحْوهمَا فَهَذَا القَوْل مسوغ للْعَمَل بِمَا وجد فِي تِلْكَ الْكتب وَمُوجب لتقديمه على التَّقْلِيد وَلَيْسَ هَذَا من التَّقْلِيد لِأَنَّهُ عمل بِرِوَايَة الثِّقَة والتقليد عمل بِرَأْيهِ وَهَذَا الْفرق أوضح من الشَّمْس وَإِن الْتبس على كثير من النَّاس
وَأما مَا يدندن حوله أَرْبَاب علم الْمعَانى وَالْبَيَان من اشْتِرَاط ذَلِك وَعدم الْوُقُوف على حَقِيقَة مَعَاني الْكتاب وَالسّنة بِدُونِهِ فَأَقُول لَيْسَ الْأَمر كَمَا قَالُوا لِأَن مَا تمس الْحَاجة إِلَيْهِ فِي معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة قد أغْنى عَنهُ مَا قدمنَا ذكره من اللُّغَة والنحو الصّرْف وَالْأُصُول والزايد عَلَيْهِ وَإِن كَانَ من دقايق الْعَرَبيَّة وأسرارها ومماله مزِيد تَأْثِير فِي معرفَة بلاغة الْكتاب الْعَزِيز لَكِن ذَلِك أَمر وَرَاء مانحن بصدده وَرُبمَا يَقُول قايل بِأَن هَذِه الْمقَالة مقَالَة من لم يعرف ذَلِك الْفَنّ حق مَعْرفَته وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا يَقُول فإنى قد شغلت بُرْهَة من الْعُمر فِي هَذَا الْفَنّ فَمِنْهُ مَا قعدت فِيهِ بَين أيدي الشُّيُوخ كشرح التَّلْخِيص الْمُخْتَصر وحواشيه وَشَرحه المطول وحواشيه وَشَرحه الأطول وَمِنْه مَا طالعته مطالعة متعقب وَهُوَ ماعدا مَا قَدمته وَقد كنت أَظن فِي مبادئ طلب هَذَا الْفَنّ مَا يَظُنّهُ هَذَا الْقَائِل ثمَّ قلت مَا قلت عَن خبْرَة وممارسة وتجريب والزمخشري وَأَمْثَاله وَإِن رَغِبُوا فِي هَذَا الْفَنّ فَذَلِك من حَيْثُ كَون لَهُ مدخلاً فِي معرفَة البلاغة كَمَا قدمنَا وَهَذَا الْجَواب الذي ذكرته هَهُنَا هُوَ الْجَواب عَن الْمُعْتَرض فِي سَائِر مَا أهملته مِمَّا يظن أَنه مُعْتَبر فِي الِاجْتِهَاد وَمَعَ ذَلِك كُله فلسنا إلا بصدد بَيَان الْقدر الذي يجب عِنْده الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة وَإِلَّا فَنحْن مِمَّن يرغب الطّلبَة فِي الأستكثار