للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حديث خريم بن فاتك الأسدي (١): "ومن هم بحسنة يعلم الله أنّه قد أشعر بها قلبه، وحرص عليها ... " (٢) قال ابن حجر معلّقا على الحديث: "هذا الحديث يدلُّ على أنَّ مطلق الهمّ والإرادة لا يكفي" (٣).

ومما يدل على التفريق بن العزم والهمّ، أن من خطر في قلبه أن يقطع الصلاة فإنها لا تنقطع، فإن صمّم على قطعها بطلت.

رأينا كيف أنَّ القائلين بعدم المؤاخذة على القصد المجرد عن الفعل لم يستطيعوا أن يدللوا على ما ذهبوا إليه، وأن دليلهم الذي أتوا به لم يثبت في مجال التمحيص والنقاش، لذا فقد ذهب القاضي ابن الباقلاني إلى القول بالمؤاخذة على العزم، وتابعه القاضي عياض وقال: "عامّة السلف وأهل العلم على ما قال ابن الباقلاني، لاتفاقهم على المؤاخذة بأعمال القلوب" (٤).

ومثل ذلك قال القرطبي: "وهذا المذهب الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامة السلف، وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين" (٥).

ووصف ابن السبكي القائلين به بأنَّهم أهل التحقيق "وأما العزم فالمحققون على أنه يؤاخذ به" (٦).

وسأل ابن المبارك سفيان الثوري: "أيؤاخذ العبد بما يهمّ به؟ قال: إذا جزم بذلك" (٧).


(١) هو خريم بن فاتك الأسدي، صحابي شهد الحديبية، ولم يشهد بدرا، مات بالرفة في خلافة معاوية.
(تقريب التهذيب ٢/ ٢٢٣)، (الكاشف ١/ ٢٧٩).
(٢) قال الحافظ في فتح الباري: (١/ ٣٢٤): رواه أحمد، وصححه ابن حبان والحاكم.
(٣) فتح الباري: (١١/ ٣٢٤).
(٤) فتح الباري: (١١/ ٣٢٧).
(٥) تفسير القرطبي (٤/ ٢١٥)، وبه قال الكرماني في شرحه على البخاري (١/ ٢١)، وصاحب دليل الفالحين (١/ ٨٢).
(٦) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٣٤).
(٧) فتح الباري (١١/ ٣٢٨).

<<  <   >  >>