للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعليله بأنه صام في وقت متعين شرعا يلزم منه أن من صلى ركعتين في آخر وقت الصبح بحيث لم يبق من الوقت إلا ما يكفي لصلاة الفرض، ولم ينو بهما فرض الوقت أن تجزيا عن صلاة الفريضة، لأن الوقت أصبح متعينا لصلاة الصبح، ولا يصحُّ منه غيرهما، وهم لا يقولون بذلك.

٤ - واحتجوا بالقياس: ولهم في القياس طريقان:

الأول: قياس الفرض على النفل (١)، فالنفل صح فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان ينويه من النهار. وقال منازعوهم: هذا قياس لا يصح، لأننا عهدنا من الشارع أنه يخفف في النوافل ما لا يخفف في الفرائض.

ففي الصلاة مثلا سامح الشارع في ترك القيام في صلاة التطوع، وترك استقبال القبلة فيه في السفر تكثيرا له بخلاف الفرض (٢).

ثم نقول لهم: صح الحديث في أنَّه -صلى الله عليه وسلم- كان يحدث الصوم بنية من النهار في النوافل، وصح أن أكثر من صحابي قال: "لا صيام لمن لم يبيت الصوم من الليل" أو نحو هذا، وهذا له حكم المرفوع، لأنه لا يقال بالرأي بل الذي نرجحه صحته مرفوعا إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قوله، كما سيأتي بيانه (٣). فلمّا صح هذا وهذا كان الواجب ألّا نضرب حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعضه ببعض، بل علينا أن نوفق بن الأحاديث، وهذا ما فعلناه عندما حملنا حديث إحداثه النية من النهار على صوم النفل، بل هو صريح في ذلك، وحملنا حديث "لا صوم لمن لم يبيت الصيام من الليل" على صيام الفرض.

الثاني: قياس النّية المتأخرة على المتقدمة من أول الغروب والجامع بينهما


(١) فتح القدير (٢/ ٤٨).
(٢) المغني لابن قدامة (٣/ ٩٢).
(٣) انظر ص ١٧٩.

<<  <   >  >>