للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأبي رزين العقيلي (١).

٣ - والرواية التي أوردوها دالة على الخصوصية ضعيفة كما حقق ذلك ابن حجر (٢).

رابعا: ومنهم من تأول هذه الأحاديث على وجه يوجب ترك اعتبارها مطلقا:

وذلك أنّه قال: سبيل الأنبياء -صلوات الله عليهم- ألا يمنعوا أحدا من فعل الخير، يريد أنهم سئلوا عن القضاء في الحج والصوم، فأنفذوا ما سئلوا فيه، من جهة كونه خيرا، لا من جهة أنه جاز عن المنوب عنه، هكذا قال الشاطبي، وذكر قريبا منه ابن العربي، والقرطبي (٣).

وهذا الذي قالوه كلام بعيد فكيف يُظنّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقر السائلين على خلاف الحق، مجاراة لرغبة السائل في عمل الخير، بل كيف يقول للسائلين: حجّوا، وصوموا، ويجزىء ذلك عن من فعلتموه عنه، وواقع الأمر على خلاف ذلك. هذا ما لا يكون أبدا، ولا يظنّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وغفر الله لهم مقالتهم هذه.

خامسا: حملوا بعض هذه الأحاديث محملا بعيدا، فقالوا: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "صام عنه وليه" محمول على ما تصحّ النيابة فيه، وهو الصدقة مجازا، لأنَّ القضاء تارة يكون بمثل المقضي، وتارة بما يقوم مقامه عند تعذره، وذلك في الصيام: الِإطعام، وفي الحج: النفقة عمّن يحج عنه، أو ما أشبه ذلك (٤).

وهذا حمل بعيد، يدل على ضعفه إذنه -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث


(١) انظر الأحاديث الدالة على جواز النيابة التي سقناها.
(٢) فتح الباري (٤/ ٦٩).
(٣) الموافقات (٢/ ١٧٤)، تفسير القرطبي (٤/ ١٥٢)، أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٨٧، ٢٨٨).
(٤) الموافقات (٢/ ١٧٥).

<<  <   >  >>