للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبت في الصحيح "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء" (١).

ومن هذا الباب أيضا ما ورد في الحديث: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورَّثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها .. " (٢).

أما بقيّة النصوص الدالّة على الصدقة، فقد سبق القول بأن الأمور المالية تقبل النيابة عن الأحياء والأموات، وكذلك يصحّ إهداء ثوابها للأموات. وقد ذهب جمع من العلماء منهم الشوكاني ومحمد رشيد رضا (٣) إلى أنَّ الصدقة التي تلحق الميت هي الصدقة الكائنة من الابن فحسب، لأنَّ الأحاديث الواردة في الصدقة عن الميت كلّها في ذلك.

يقول الشوكاني: "وأحاديث الباب تدلّ على أنَّ الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصيّة منهما، ويصل إليهما ثوابها، فيخصّص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى: {وَأَنْ ليسَ لِلِإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} (٤) ". ثم استدرك قائلا: "ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أنَّ ولد الإنسان من سعيه، فلا حاجة إلى دعوى التخصيص.

وأما من غير الولد فالظاهر من العمومات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت فيوقف عليها حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها" (٥).


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٤٦٢).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) هو محمد محمد رشيد رضا الحسيني النسب، البغدادي الأصل، ولد بالقلمون من أعمال طرابلس (١٢٨٣ هـ)، واستقر بالقاهرة، وتوفى بها عام (١٣٥٤ هـ)، يعدُّ من رجال الإصلاح في هذا العصر، أصدر مجلة المنار، وفسَّر القرآن، وله كثير من المؤلفات. راجع: (الأعلام ٦/ ٣٥٩).
(٤) سورة النجم/ ٣٩.
(٥) نيل الأوطار (٤/ ٩٩).

<<  <   >  >>