للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجاب عن ما ذكره من أن الصدقة المهداة الثواب التي تصل الميت مخصوصة بالولد بأمرين:

الأول: بالإجماع، وقد نقل الإجماع النووي في شرحه على مسلم (١) وابن كثير في تفسيره، يقول ابن كثير: "أما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما" (٢).

الثاني: سبق أن ذكرنا حديثين صحيحين رغب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيهما في قضاء دين الميت، وقد قضى دينه عنه رجل من غير قرابته، وأقرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، بل أمره به (٣)، فإذا نفعه قضاء الدَّين عنه، فإنَّ الصدقة كذلك، ولا فرق بينهما.

وما ذكره ابن النحوي من الشافعية من أنه ينبغي أن يجزم بوصول ثواب قراءة القرآن للميت إذا أهديت له، لأنه دعاء (٤)، غير صحيح، لأن القراءة ليست دعاء كلُّها، فالقرآن فيه الدعاء، والأخبار والقصص والأحكام، فكيف يقال القرآن دعاء فحسب، وقد ذكر ابن كثير أن الشافعي -رحمه الله تعالى- استنبط من قوله تعالى: {وَأنْ لَيْس لِلإنْسَان إِلا مَا سَعى} (٥) "أنَّ قراءة القرآن لا يصل ثواب إهدائها إلى الموتى، لأنه ليس من كسبهم وعملهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة -رضي الله عنه-، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء" (٦).


(١) نيل الأوطار (٤/ ١٠٠).
(٢) تفسير ابن كثير (٦/ ٤٦٢).
(٣) سبق ذكر هذين الحديثين في المسألة السابقة.
(٤) نيل الأوطار (٤/ ١٠٠).
(٥) سورة النجم / ٣٩.
(٦) تفسير ابن كثير (٦/ ٤٦٢)، والحديث الذي يعترض به في هذا المجال (اقرؤوا على موتاكم يس) حديث ضعيف لا ينهض للاستدلال.

<<  <   >  >>