للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في فرض الصلاة والصوم، وأنّه قد يقع في الصدقة الواجبة أو الحج أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها، فإنّ الإخلاص فيها عزيز.

ويقول ابن رجب في هذا: "العلل على هذا النحو لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحقُّ المقت من الله والعقوبة" (١).

وقد سمّى الحارث المحاسبي هذا النوع من الرياء: الرياء الأعظم والأشد، وقد قال فيه: "الوجه الذي هو أشدّ الرياء وأعظمه: إرادة العبد العباد بطاعة الله عز وجل، لا يريد الله عز وجل بذلك" (٢).

وقال الغزالي في هذا النوع: "أما الذي لم يرد به إلا الرياء فهو عليه قطعا، وهو سبب المقت والغضب" (٣).

أما الصور الثلاثة الأخرى فيكون قصد الرياء مصحوبا بقصد الثواب، وإنما كانت الصور ثلاثة لأن إرادة الثواب قد تكون أرجح، وقد يكون قصد الرياء أرجح، وقد يتساويان.

والصنعاني هنا يتابع الغزالي في النظر إلى قدر قوة الباعث (٤) "فإن كان الباعث الديني مساويا الباعث النفسي تقاوما وتساقطا، وصار العمل لا له ولا عليه. وإن كان باعث الرياء أغلب وأقوى فهو ليس بنافع، وهو مع ذلك مضر ومفض للعقاب؛ نعم العقاب الذي فيه أخف من عقاب العمل الذي تجرد للرياء، ولم يمتزج به شائبة التقرب. وإن كان قصد التقرب أغلب بالِإضافة إلى الباعث الآخر فله ثواب بقدر ما فضل من قوة الباعث الديني".

والغزالي يرى أن هذا من العدل الذي تقتضيه قاعدة الثواب التي نصَّ الله عليها


(١) الدين الخالص ٢/ ٣٨٢.
(٢) الرعاية ص ١٣٥.
(٣) إحياء علوم الدين.
(٤) راجع إحياء علوم الدين (٤/ ٣٨٤ - ٣٨٥)، وكل ما نقلناه عنه هنا من هذا الوضع.

<<  <   >  >>