للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أوضح ما ينفي هذا القول قوله تعالى: {اتَّخَذوا أحْبَارَهم وَرُهْبَانَهمْ أَرْبَابًا مِنْ دونِ الله وَالْمسيحَ ابْنَ مَريَمَ} (١)، وقد سقنا فيما سبق تفسير الرسول -صلى الله عليه وسلم- للآية، وأن المراد بعبادتهم إياهم اتباعهم في التحليل والتحريم بعيدا عن شرع الله.

واسمع إلى مقولة فرعون وملئه عندما طالبهم موسى وهارون بالإيمان. (فَقَالوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثلْنِا وَقَوْمهما لَنَا عَابِدُونَ} (٢).

يقول الطبري في تفسير هذه الآية: "لنا عابدون: يعنون أنهم لهم مطيعون متذللون، يأتمرون لأمرهم، ويدينون لهم، والعرب تسمي كل من دان لملك عابدا له" (٣).

وقال الطبري في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمنوا كلُوا مِنْ طيباتِ مَا رَزَقْنَاكمْ، واشْكروا لله إنْ كنتُمْ إياه تَعْبدونَ} (٤).

قال: "إنْ كنتم إيّاه تعبدون: يقول: إن كنتم منقادين لأمره، سامعين مطيعين، فكلوا مما أباح لكم أكله، وحلله وطيبه لكم، ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان" (٥).

وهذا الذي سقناه يردّ على ابن تيمية في قوله: "ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابدا له" (٦).


(١) سورة التوبة / ٣١.
(٢) سورة المؤمنون / ٤٧.
(٣) تفسير الطبري (١٨/ ١٩).
(٤) سورة البقرة / ١٧٢.
(٥) تفسير الطبري ٢/ ٥٠.
(٦) العبودية (ص ٤٤).

<<  <   >  >>