للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال تعالى: {ومَا منعهُمْ أنْ تقبل مِنْهمْ نَفَقَاتهُم إلا أنَّهُمْ كفَروا بالله وَبِرَسُوله، وَلاَ يَأتُونَ الصَّلاةَ إلاّ وَهُمْ كُسَالَى، وَلاَ ينْفِقُونَ إلاَّ وَهم كَارِهونَ} (١).

فقد نصَّ في هذه الآية على عدم قبول الصدقة من الكاره.

وقد نصَّ فقهاء الأحناف أنَّ المعتمد في المذهب عدم إجزاء أخذ الإمام الزكاة كرها، وإذا أخذت كرها لا يقع عن الزكاة، لكونها بلا اختيار (٢).

ويقول الشاطبي: وما افتقر منها إلى نيّة التعبد فلا يجزىء فعلها بالنسبة إلى المُكْرَه في خاصة نفسه، حتى ينوي القربة (٣).

الثاني: أن من واجب الدولة الِإسلامية أن تقيم شريعة الله، فإذا امتنع بعض الرّعية عن أداء الواجبات التي كلَّفهم الله بها، كالصلاة، والزكاة، والصوم، فمن واجبها إجبارهم على أدائها بالقوة، قال تعالى: {الّذِينَ إنْ مَكنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ، وآتَوا الزَّكَاةَ، وأَمَروا بالْمَعْرُوف، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَر .. } (٤)، وقد أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بذلك: {خُذْ مِن أَمْوَالهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكَيهِمْ بِهَا} (٥).

وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنَّه أمر بقتال الناس حتى يؤدوا هذه التكاليف: "أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، وحسابهم على الله" (٦).

وواضح من النصّ أن عدم إقامتهم الصلاة وإيتائهم الزكاة يبيح سفك دمائهم من قبل الحاكم.


(١) سورة التوبة: ٥٤.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص ٢٢).
(٣) الموافقات (٢/ ٢٤١).
(٤) سورة الحج: ٤١
(٥) سورة التوبة: ١٠٣.
(٦) رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب {فإنْ تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة} حديث (رقم ٢٥) انظر فتح الباري (١/ ٧٥)، ورواه مسلم في كتاب الإيمان، انظر النووي على مسلم (١/ ٢١٢).

<<  <   >  >>