وفي رواية ثالثة لابن عساكر؛ أن عثمان خطب في الناس يومئذ وعزم على كل رجل عنده شيء من كتاب الله لما جاء به، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتى جمع من ذلك كثرة؛ ثم دعاهم رجلًا رجلًا، فناشدهم: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أملاه عليك؟ فيقول: نعم، فلما فرغ من ذلك عثمان قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت، قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال فليمل سعيد وليكتب زيد، ونحسب أن اختلاف هذه الرواية وما جاء بمعناها من وجوه أخرى إنما بعث عليه تصور الرواة لأبلغ ما يكون من صور الثقة في هذا الأمر حتى يحكموه من نواحيه كلها، فإنك لا ترى منها رواية إلا وفيها مبالغة في التحري ليس في الأخرى. والذي يخبر بمثل ذلك الخبر عن القرآن إنما يخبر بأمر شديد إذا هو لم يمكن فيه لموضع الثقة ولم يحصنه أشد التحصين حتى لا تجد الشبهة إليه سبيلًا، وظاهر أنه من المحال أن تكون كل هذه الروايات هي الواقع. "المؤلف". ٢ سورة الأحزاب. ٣ سورة براءة.