بعضهم قليلًا في مواضع معينة، وأكثرهم لا يميلون؛ ونبو تميم وهم أحرص العرب عليها في منطقهم, يميل بعضهم في مواضع وينصب بعضهم "لا يميل" في مواضع أخرى، وقد يميلون جميعًا في أشياء معروفة.
ولناس كثير من العرب ممن ترضى عربيتهم أنواع من إمالة الألف، فيقولون: هو يريد أن يضربها! ونحو ذلك؛ لأن الهاء خفيفة والراء مكسورة، فكأنها عندهم "يضربا" -بدون هاء- ولذلك يميلون؛ وفي هذه اللغة يقولون: منها، فيميلون أيضًا، ويقولون: فِينا، وعِلينا؛ فيميلون للباء حيث قربت من الألف، وكذا "يدا، ويدها" يميلون فيهما للياء أيضًا؛ ومن أهلها بنو تميم وقوم من قيس وأسد.
وثم حروف تمنع من إمالة الألفات وهي "ص ض ط ظ غ ق خ" إذا كان حرف منها قبل الألف، وكانت الألف تليه: كصادق، وضامن وطائف، وظالم، وغائب، وقاعد، وخامد؛ وإنما منعت هذه الحروف الإمالة؛ لأنها مستعلية إلى الحنك الأعلى، والألف إذا خرجت من موضعها استعلت إليه فغلبت عليها هذه الحروف، وقربتها منها لاستواء الصوت في مجموع الكلمة.
قال سيبويه: ولا نعلم أحدًا يميل هذه الألف "مع المستعلية" إلا من لا يؤخذ بلغته؛ فإذا كان حرف من هذه الحروف قبل الألف بحرف وكان مكسورًا، فإنه لا يمنع الألف من الإمالة، نحو: الضعاف، والصعاب، والقباب، مثلًا؛ لأنهم يضعون ألسنتهم في موضع هذه الحروف المستعلية ثم يصوبونها فالانحدار أخف عليهم من الإصعاد.
وبقيت أشياء كثيرة لا تتعلق بغرضنا، ولكن جماع القول من هذا الباب التاريخي ما قاله سيبويه، من أنه ليس كل من أمال الإلفات ووافق غيره من العرب ممن يميل، ولكنه قد يخالف كل واحد من الفريقين صاحبه، وذلك من كان النصب من لغته لا يوافق غيره ممن ينصب، ولكن أمره وأمر صاحبه كأمر الأولين في الكسر، فإذا رأيت عربيا كذلك فلا ترينه خلط في لغته، ولكن هذا من أمرهم.
المضارعة بين الحروف:
٤- ومن الحروف المتفرعة المستحسنة، الشين التي تكون كالجيم؛ فإنهم يشربونها صوت الجيم متى كانت الشين ساكنة قبل دال؛ لأن الدال مجهورة شديدة والشين مهموسة رخوة١ فيريدون بهذا النطق تناسب الصوت على ما هو من أمرهم. وذلك نحو أشدق ومشدود، فإنهم يشربون هذه الشين صوت الجيم فتنطق كحرف "J" وهي الجيم في منطق السوريين.
٥- ومنها الصاد التي تكون كالزاي، وذلك أن الصاد متى كانت ساكنة وكان بعدها دال نطقوها زايًا مفخمة غير خالصة؛ لأنهم يضارعون بها أشبه الحروف بالدال في موضعه وهو الزاي؛ لأنها حرف مجهور غير مُطْبَق، فيقولون في نحو: "أصدر، ومصدر، والتصدير" أزدر، ومزدر، والتزدير؛ ولكن كما ينطق عامتنا حرف الظاء؛ وقال سيبويه: وسمعنا العرب الفصحاء يجعلونها زايًا خالصة..... إرادة أن