يكون عملهم من وجه واحد، وليستعلوا ألسنتهم في ضرب واحد.
وقد يضارعون بالصاد أيضًا منطق الزاي إذا كانت الصاد متحركة، نحو: صدق، وربما ضارعوا بها وهي متحركة وبعيدة عن الدال، نحو: مصادر، بل وفي نحو الصراط أيضًا, وإن لم يكن في الكلمة دال, ولكنهم يعتبرون الطاء كالدال. وفي شرح الفصيح لابن خالويه: إن من لغة بعض العرب أن يشم "الصفا والعصا" فيشرب الصاد صوت الزاي مع أنه ليس فيهما دال ولا ما هو في حكمها، قال: وهي لغة سوء.
وكذلك قد يضارعون الشين بالزاي إذا كان بعدها دال؛ لأنها في الهمس والرخاوة كالصاد، فيقولون في نحو: "أشدق" أزدق؛ وقد مرت اللغة الأخرى في النطق بهذه الشين.
٦- ومن الحروف المستحسنة ألف التفخيم، وهي ألف ينحى بها نحو الواو فتكون كحرف "O" وينطق بها أهل الحجاز في قولهم: الصلاة، والزكاة، والحياة؛ ويقال إنهم كتبوا هذه الكلمات في المصحف بالواو بدل الألف على هذه اللغة؛ ولا يقاس في ذا المنطق بل ينتهي فيه عندما انتهت إليه العرب.
الحروف المستحسنة:
وهي حروف لا يستحسنونها ولا تكثر في لغة من تُرْتَضَى عربيته، ولا يؤخذ بها في قراءة القرآن وإنشاد الشعر؛ وهذه الحروف لا يستطيع بعضهم النطق بأصولها، فإذا اضطروا إليها حولوها عند التكلم بها إلى أقرب الحروف من مخارجها وهي:
١- حرف بين الجيم والكاف ينطق به كمنطق الجيم المصرية، فيقولون في "كافر": جافر، وهو اليوم من لغات اليمن وبغداد.
٢- الجيم التي ينطق بها كالكاف، وكانت لغة سائرة في اليمن، وهي اليوم فاشية في أهل البحرين، فيقولون في "رجل، وجمل": رَكُل وكَمَل.
٣- الجيم التي كالشين، وهي عكس الشين التي كالجيم في الحروف المستحسنة، ولكنهم استهجنوا هذه؛ لأنها إنما ينطق بها كذلك إذا كانت ساكنة وبعدها دال أو تاء نحو: "اجتمعوا، وأجدر" يقولون فيهما: اشتمعوا وأشدر؛ وموضع الثقل أنه ليس بين الجيم والدال، ولا بينها وبين التاء تباين؛ بل هما شديدتان.
ومن لغاتهم أيضًا أنهم يقربون الجيم من الدال في وزن "الافتعال" فيبدلون الدال مكان التاء من هذا الوزن ليكون العمل من وجه واحد، يقولون في نحو: "اجتمعوا، واجترءوا": اجدمعوا واجدرءوا.
٤- حرف بين الكاف والقاف، وهذا لم يذكره سيبويه في كتابه بين الحروف المتفرعة، ولكن ذكره ابن فارس في "فقه اللغة" فقال: فأما بنو تميم فإنهم يلحقون القاف باللهاء حتى تغلظ جدا، فيقولون: "القوم" فيكون بين الكاف والقاف، وهذه لغة فيهم، قال الشاعر:
ولا أكول لكدر الكوم قد نضجت ... ولا أكول لباب الدار مكفول