للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاصة ليست في لغة هذا العلم التي يعرفها العلميون في الأقطار الأخرى … وكلمات العلم أجنبية في جميع اللغات، وليس علينا حرج أن تكون كذلك أجنبية في لغتنا، بل إن رجال العلم الأوروبيين يأخذون كلمات المتوحشين حين تكون لها دلالة في الأنثروبولوجيا مثلًا، كما نرى في كلمتي «طبو» و «طوطم»(١)

«والمصري الذي يتخصص في علمٍ ما، يحتاج إلى متابعة الدراسة مدى حياته لهذا العلم، ولا غنًى له عن كلمات هذا العلم التي يستعملها جميع المتخصصين فيه في القارات الخمس، وهو يفكر بهذه الكلمات، ومن التكليف المرهق أن نطالبه بترجمة هذه الكلمات إلى لغتنا؛ لأن كل ما نحتاج إليه أن نعرف هذه الكلمات وأن نصوغها في صيغةٍ عربية إذا كنا سنؤلف بها في لغتنا الدارجة، أو لا نصوغها إذا كانت ستبقى مقصورة على المتخصصين.» (٢)

نستثني من ذلك بالطبع كل ما له في العربية أصلٌ رائجٌ راسخٌ غير ملتبس، ومن مناقب هذه النظرة إلى المصطلح أنها تعجل بالتعريب وتسد الطريق على الذين يشترطون توافر المصطلحات والكتب العربية قبل بدء التعريب، واضعين العربة أمام الحصان، بل مغلقين حلقةً موبقة وفاتحين مجال التسويف إلى غير حد. يقول د. عبد الحافظ حلمي محمد، عضو المجمع اللغوي: «إن تعويق مسيرة التعريب تحت دعاوى استكمال المصطلحات، والتي تزيد يومًا بعد يوم، لفريةٌ سخيفة يراد لنا بها أن نوقف مسيرة التعريب، خاصة إذا علمنا أن نسبة الكلمات العلمية في المراجع العلمية محدودة؛ فهي في مراجع الطب على سبيل المثال لا تزيد عن ٣.٣%، إن خير وسيلة لاستكمال مقومات تعريب التعليم هي الشروع فيه، دون تسويف أو تَوانٍ.» (٣)

والدكتور خليل النعيمي خير من يؤخذ رأيه في قضية كهذه، والدكتور النعيمي طبيب وجراح سوري درس الطب في دمشق بالعربية ويعمل في فرنسا. يقول النعيمي: «عندما كنا نتعلم الطب في جامعة دمشق باللغة العربية لم يكن يخطر لنا أن اللغة التي


(١) سلامة موسى: البلاغة العصرية واللغة الغربية، سلامة موسى للنشر والتوزيع، القاهرة، ط ٣، ١٩٦٤، ص ١١٥.
(٢) يعني ظلالًا مصاحبة من لغته ومعاني ضمنية (Connotation).
(٣) المصدر السابق، ص ١١٦.

<<  <   >  >>