للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقولة في إنجازات الأطباء السوريين الذين يتابعون دراساتهم في الخارج (١) … مشكلة الكتب والدوريات والمراجع والمصطلحات العلمية أيضًا مشكلة واحدة مترابطة، وهي في الواقع مشكلة كل لغة وليست خاصة باللغة العربية، وإلا ماذا كان يقول الكوري والألباني والبلغاري واليوغوسلافي والإيراني والتركي والخمسون ثقافة التي كانت تؤلف الاتحاد السوفيتي؟ وكلهم طبقوا توطين العلوم واستنباتها بلغاتهم القومية بإمكانات لغوية ومادية وبشرية تتقزم أمام الإمكانات اللغوية والمادية والبشرية العربية. الذين يطلبون توافر الكتب والمراجع والمصطلحات قبل التعريب يضعون العربة أمام الحصان، ويقيني أنهم أدرى الناس بذلك، والتعريب حتى يتجاوز كل ذلك لأنه قضية كرامة؛ كرامة لغة وكرامة أمة.

والذين اغتصبوا أرضنا، يا سادتي، ألم يُعَبْرِنوا العلوم على اختلافها، والأبحاث بمختلف تقاناتها، بلغةٍ موات؟ باللغة التي أقاموها من العدم، بعد دثورٍ دام عشرين قرنًا، فجعلوا منها لا لغة التدريس في شتى العلوم والتقانات فقط، ولا أداة حضارية تقام بها الندوات العلمية في علم الذرة وتقانة الإلكترونيات فحسب، بل جعلوا منها أيضًا وسيلة ترابطٍ جامعةً أسهمت في خلق الكيان الصهيوني وتوحيد شراذم المهاجرين إليه، المتعددي المشارب واللغات.» (٢)

في كتابه «في التعريب والتغريب» يتساءل د. محمود فوزي المناوي حول التنفج المتفشي بالكلمات الأجنبية، فيقول: «ويمكن لأي مواطن عندنا الآن أن يلحظ طوفان الكلمات الدخيلة التي يستملحها البعض ويرددونها على ألسنتهم، بينما يوجد لها مقابلٌ أجمل وأوضح في التعبير تتمتع به لغتنا، ولا يعرف أحد على وجه اليقين لماذا يفضلون الدخيل على الأصيل: أهي هجمة «التفرنج» عادت من جديد؟ أم هي اتجاه إلى نبذ أصالتنا وهجر انتمائنا؟» (٣)


(١) أ. حسين أحمد أمين: الكعكة في يد اليتيم، الأهرام، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٣.
(٢) جدير بالذكر أن كل من نبغ منا في العلوم على مستوى العالم (د. مشرفة، د. محمد النادي، د. زويل، د. مصطفى السيد، د. مجدي يعقوب، د. فاروق الباز، د. محمد النشائي، … ) قد تلقوا تعليمهم العام بالعربية، وتزيد د. يمنى الخولي على ذلك بقولها إنهم ما كانوا لينجزوا ما أنجزوه لو كانوا قد درسوا العلوم في مدارسهم بلغة أجنبية. (د. يمنى الخولي: في قضية تعريب العلوم، الأهرام، ١٠ أكتوبر، ٢٠٠٣)
(٣) جدير بالذكر أيضًا أن في الولايات المتحدة حوالي عشرة آلاف طبيب عربي، نصفهم من السوريين الذين درسوا الطب في دمشق بالعربية!

<<  <   >  >>