ثم شاع خبر البنت، وخبر إسلام أمها وأبيها وجماعتهم، فأسلم فى هذه الواقعة ما يزيد على سبعين «١» من اليهود، وهم أهل تلك الحارة.
ثم إنّها خرجت من «المصاصة»«٢» إلى درب الكوريين فى دار أبى السرايا أيوب.. قال الحسن بن زولاق: ولمّا شاعت هذه الكرامة بين [الناس]«٣» لم يبق أحد إلّا قصد زيارة السيدة نفيسة، وعظم الأمر، وكثر الخلق على بابها، فطلبت عند ذلك الرحيل إلى بلاد الحجاز عند أهلها، فشق ذلك على أهل مصر، فسألوها فى الإقامة فأبت ذلك، فاجتمع أهل مصر ودخلوا على السّرىّ بن الحكم أمير مصر وأخبروه أنها عزمت على الرحيل، فاشتد ذلك عليه، وبعث لها كتابا ورسولا يأمرها بالرجوع عمّا عزمت عليه، فأبت، فركب بنفسه وأتى إليها، وسألها فى الإقامة، فقالت: إنى كنت نويت الإقامة عندكم، وإنى امرأة ضعيفة، والناس قد كثروا على الإتيان إلىّ وشغلونى عن عبادتى «٤» وجمع زادى لمعادى، ومكانى هذا صغير وضاق بهذا الجمع الكثيف.. فقال لها السّرىّ: إنى سأزيل عنك جميع ما شكوتيه.. وأمهّد لك الأمر على ما ترتضينه «٥» ، أمّا ضيق المكان فإن لى دارا واسعة بدرب السباع، وأشهد الله أنى قد وهبتها لك، وأسألك أن تقبليها منى ولا تخجلينى بالردّ علىّ.. قالت:
قد قبلتها منك.. ففرح السّرىّ بقبولها منه، فقالت: كيف [أصنع]«٦» بهذه الجموع الوافدين علىّ؟: قال: تقرّرين «٧» معهم أن يكون لهم يومان فى الجمعة، وباقى أيامك تتفرغين «٨» لخدمة مولاك.. اجعلى يوم السبت