وفى رواية أخرى، على صفة أخرى، وهى: أنّ الصّبيّة لمّا أن تمسّحت بماء السيدة نفيسة، رضى الله عنها، قامت تمشى كأن لم يكن بها شىء من الأمراض، هذا والسيدة [نفيسة] مشغولة بالصلاة لم تعلم بما جرى، ثم أنّ البنت لمّا سمعت «١» بمجيء أمّها من الحمّام خرجت من دار السيدة نفيسة حتى أتت إلى دار أمها، فطرقت الباب، فخرجت الأم لتنظر من يطرق الباب، فبادرت البنت واعتنقت أمها، [فلم تعرفها]«٢» وقالت لها: من أنت؟! قالت: أنا بنتك.. قالت لها: وكيف قصّتك؟ فأخبرتها بما فعلت، فبكت الأم بكاء شديدا وقالت: والله هذا [هو]«٣» الدين الصحيح.. ثم دخلت إلى السيدة نفيسة، وأقبلت تقبّل قدمها وقالت: مدّى يديك، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ جدّك محمدا «٤» رسول الله.. فشكرت السيدة [نفيسة] لها ذلك، وحمدت الحق- سبحانه وتعالى- الذي أنقذها من الضّلال.. ثم مضت المرأة إلى منزلها، فلما حضر أبو البنت- وكان اسمه أيّوب، ولقبه صابرا، وكنيته أبا السّرايا «٥» ، وكان من أعيان قومه- ورأى ابنته على تلك الحالة، ذهل، وطار عقله من الفرح، وقال لامرأته: كيف الخبر والقصة؟! فأخبرته بقصتها مع السيدة [نفيسة] .. فرفع اليهودى طرفه إلى السماء وقال: سبحانك، هديت من شئت، وأضللت من شئت.. هذا والله هو الدّين الصحيح، ولا دين غير دين الإسلام.. ثم أتى إلى باب السيدة [نفيسة] ومرّغ خدّيه على عتبة بابها ونادى: يا سيدتى، ارحمى واشفعى فيمن هو فى ضلال الكفر «٦» قد تاه، ومن دينه قد أبعده وأقصاه.. فرفعت طرفها إلى السماء ودعت له بالهداية، فأسلم ونطق بالشهادتين.