للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستحى «١» وظنّ أن فرّط فيها، وأنه يعجز عن القيام بها، فلهذا طالبه.

ولمّا اعتقله أمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهرى، ففعل، وجعله كالخليفة له والنائب عنه «٢» . وقال الحسن اللّيثى: حدّثنى بعض شيوخ مصر قال: مررت فى أول اللّيل و «بكّار» فى غرفته يبكى ويصلى ويقول:

كَلَّا إِنَّها لَظى * نَزَّاعَةً لِلشَّوى * تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى

«٣» يرددها ما تجاوزها.

وروى أبو حاتم ابن أخى «بكّار» قال: قدم على عمّى «بكار» رجل من البصرة، [عنده علم وزهادة وفضل ونسك، فأكرمه عمّى وقرّبه] «٤» وأدناه، وذكر أنه كان معه فى المكتب «٥» فى البصرة، ومضت به الأيام حتى جاء الرجل فى شهادة، ومعه شاهد من شهود مصر، فأدّوا الشهادة عند عمّى، فما قبل شهادة ذلك الرّجل، فلما خرج وهو منكسر القلب قلت لعمى: هذا رجل زاهد، عالم، وأنت تعرفه. فقال: يا بن أخى، مارددت شهادته، إلّا أنّا لمّا كنا صغارا فى المكتب جلست أنا وإيّاه على مائدة فيها أرز وحلوى «٦» ، فنقبت الأرز بأصبعى، فقال لى: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها

«٧» [فقلت له] :

أتهزأ «٨» بكلام الله على الطعام؟! ثم أمسكت عن كلامه مدّة، فما أقدر على قبوله وأنا أذكر ذلك منه.