وحكى عنه أنّ رجلين أتيا إليه فى وقت صلاة المغرب لحكومة «١» بسبب جمل به عيب يريد المشترى ردّه على البائع، فخاف من فوات صلاة المغرب، فأخّرهما إلى الغد، فذهبا بالجمل وباتا «٢» ، فمات الجمل فى تلك اللّيلة، فلما أصبح الصباح جاء البائع والمشترى إلى القاضى، فقال المشترى: أصلح الله شأن مولانا القاضى، اشتريت من هذا الرجل جملا وقال لى: لا عيب فيه، فوجدت به عيبا، فجئنا به إليك اللّيلة الماضية لفصل الحكم بيننا، فأمرتنا أن نأتى فى الصباح، فمات الجمل فى الليل، فهل ثمنه يكون فى كيسى أو فى كيسه؟
فقال القاضى: يا ولدى، لا فى كيسك ولا فى كيسه، بل فى كيس القاضى الذي لم يخرج لفصل الحكم بينكما. فوزن لهما «٣» ثمن الجمل.
وحكى عن الشريف محمد بن أسعد النّسّابة، نقيب الطّالبيين بمصر- رحمه الله- أنه حضر إلى القاضى الخير بن نعيم قاضى مصر خصمان، ادّعى أحدهما على الآخر بعشرين دينارا، فسكت المطلوب ولم يجب «٤» . فقال القاضى: ما تقول؟! فسكت أيضا. فقال: ما يخلّصك السّكوت. فناول القاضى رقعة وقال: استرها سترك الله، فسترها القاضى [بكمّه]«٥» وقرأها، فإذا فيها «٦» : العشرون دينارا فى ذمّتى، وما علّى بها شاهد، لا بينى ولا بينه «٧» ، وأنا عاجز «٨» اليوم فى حقّ الرسول قبل حقه، إن اعترفت