اعتقلنى، وإن أنكرت استحلفنى، أفتنا يرحمك الله. فبكى القاضى وأخرج منديلا من كمّه، ووزن العشرين دينارا لربّ المال، فقال له: ما هذا يا سيدى؟
قال: خلاص هذه القضية «١» ، وقرأها عليه، فقال له: يا سيدى، أى شىء أردت بهذا؟ قال: الأجر والثّواب. فقال ربّ المال: أنا أولى بذلك وأحق، والله لا أطالبه أبدا. فهمّ المطلوب أن يقوم، فقال القاضى: هؤلاء خرجوا لله، لارجعت فيهم «٢» ، فتخلص الرجل من العشرين، وتحصّل على العشرين الأخرى. ويقال: إن المديون امتنع، فتصدّق القاضى بها.
وكان سبب عزله عن القضاء، أنّ رجلا من الجند خاصم إنسانا وقذفه «٣» ، فرفعه خصمه إلى الحاكم وادّعى عليه، وشهد عليه شاهد واحد، وذهب الخصم ليحضر له الشاهد الآخر، فأمر القاضى بحبس الجندى حتى يحضر الرجل الشاهد الآخر، ويقام على الجندى الحد، فأرسل أبو عون عبد الملك بن يزيد «٤» فأخرج الجندى من السجن، فلما بلغ الخير ذلك اعتزل فى بيته وترك الحكم، فأرسل إليه أبو عون فى ذلك، فقال: لا أرجع حتى يردّ الجندىّ إلى مكانه، فلم يردّ، وتمّ على عزمه. فقال له «٥» : فأشر علينا برجل نوليه. فقال: غوث «٦» بن سليمان الحضرمى.