القبور فإنك ترى- أو قال: تجد «١» - رجلا لله، به عناية، قاعدا عند قبر رجل له به عناية «٢» ، ادفع إليه ما ينفق، فإنه بات البارحة بلا شىء، فدفع لى خمسمائة دينار وقال: ادفعها له قليلا قليلا لئلا ينفقها مرة واحدة، وقال:
إنه دفع لك صرّة فيها خمسون دينارا، وأقسم علىّ بالله أنى أعلمك بها إذا فرغت، أعلمته بذلك.
وحكى ابن العربى فى كتاب «سراج المريدين» قال: جلس أبو الفضل ابن الجوهرى «٣» يوما على المنير، فقال القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقال: والله ما منعتها «٤» أبدا. وأقبلت القلوب على كلامه، فتعجبت من قوله هذا!
وروى عن محمد بن واسع أنه قال: خرجت يوما من المسجد، فلقيت الشيطان فى طريقى، فقال: يا محمد بن واسع، إنّى كلّما رمتك وجدت بينى وبينك حجابا لا أستطيع أن أبلغ إليك منه. قال: إنى أقول كل يوم إذا أصبحت:
«اللهمّ، إنّك سلّطت علّى عدوّا بصيرا بعيوبى، مطّلعا على عوراتى، اللهم فآيسه منّى كما آيسته من رحمتك، وقنّطه منّى كما قنّطّه من عفوك، وباعد بينى وبينه كما باعدت بين المشرق والمغرب، واطرده عنى كما طردته عن بابك، يا أرحم الرّاحمين»«٥» . فقال له الشيطان: بالله لا تخبر بها أحدا أبدا، فقال: والله ما منعتها من أحد أبدا.