قال ذو النون:[سمعت شقران يقول]«١»«إنّ لله عبادا خرجوا إليه بإخلاصهم، وشمّروا إليه بطيب أسرارهم «٢» ، فأقاموا على صفاء المعاملة فى محاريب الكدّ، فساروا فى ميادين أنوار ملكوته «٣» ، وبادروا لاستماع كلامه بحضور أفهامهم، فعند ذلك نظر إليهم بعين الملاحظة، وشاهد منهم نهدات الأسف، وفى ضمائرهم حرارات الشّغف، فعندها أسرج لهم نجائب المواهب، وحفّت بهم منه العطايا والتّأييد، وأذاقهم كأس الوداد، فطلعت فى قلوبهم كواكب مراكب «٤» القلق، وجرت بهم فى بحار الاشتياق، فوصلت إلى روح نسيم التّلاق، فكيف إذا رأيت «٥» ثريّا الإيمان قد علقت فى قلوبهم، وهلال التوحيد قد لاح بين أعينهم، وبحار الوفاء قد تدفّقت فى قلوبهم، وأنهار ماء الحياة «٦» قد تصادمت إلى جوارحهم، فتنسّموا روائح الدّنوّ من قربه، وهبّت رياح اللقاء من تحت عرشه، فوفدت «٧» هواتف الملكوت بألسنة القدرة إلى أسماعهم وأفهامهم، وشيّعها روح نسيم المصافاة إلى أذهانهم، وأوقدت فى أسرارهم «٨» مصابيح الأفكار، واشتعلت ضمائرهم «٩» ، وزّفت إلى قلوبهم أزواج القلق، وزجّ بها الشوق فى مفاصلهم، فتطايرت أرواحهم [إلى روح]«١٠» عظيم الذخائر، ثم نادت: لا براح وذلك أنها لمّا وصلت إلى