الحجاب الأعظم المعظم «١» أقسمت ألّا تبرح ولا تزول حتى تنعم. فكشف لها الحجاب، وناداها: أنا الرّبّ الأعظم المعظم، أنا علّام الغيوب، أنا المطّلع على الضمائر، أنا مراقب الحركات، أنا راصد اللّحظات «٢» ، أنا العالم بمجارى الفكر وما أصغت إليه الأسماع.
ثم قال لأرواحهم: أنا طالعتك ورفعتك إلى قربى، وقرنت ذكرى مع ذكرك ائتلافا، وعرّفتك نفسى وصافيتك إعطافا، وجلّلتك سترى إلحافا، فاشكرى لى أزدك أضعافا «٣» .
ثم قال: يا قلوب صفوتى التئمى، ويا أهل محبّتى حافظوا على لزوم مودّتى.
فلما وعت القلوب كلام المحبوب وردت على بحر الفهم، فاغترفت منه رىّ الشراب، فهلّ عليها عارض «٤» صدر إليها من محبوبها، فسجدت له تعظيما، وأذن لها فكلّمته تكليما «٥» ، وأفرغ عليها من نوره فزادها تهييما «٦» ، فرجعت إلى الأبدان بطرائف الفوائد «٧» ، فظمئت وعطشت ... فهل تدرى ما أعطشها؟! كشف لها عن غيوبه «٨» فطاشت، وشاهدت قربه فعاشت، فى كل يوم تطالع «٩» علما جديدا، فهو لها يزيد «١٠» ، وكيف لا يكون هذا