أجد ماء، فلحظ السماء بطرفه وقال: اللهم إنى قد عجزت عن الماء، وانقطع رجائى من غيرك، فاعطف على قلّة حيلتى. فقمت فسمعت وقع الماء فى الإناء، فمسّ الشيخ الماء بيده فوجده «١» باردا، فحرّك شفتيه فسخن الماء، ثم جاء إلى المغتسل، وكانت ليلة باردة مظلمة، فقال: لو كان معنا مصباح كان أمكن فى طهرى. فرأيت مصباحا قد أنفذ له فاغتسل.
وبلغ ذا النّون خبر شقران بالمغرب، فأتاه من مصر، فسأل عنه، فقيل له: السّاعة قد دخل [الخلوة] ، وهو لا يخرج من بيته إلّا [من الجمعة] إلى الجمعة، ولا يكلم أحدا إلّا بعد أربعين يوما «٢» .
[قال ذو النون]«٣» : فأقمت أربعين يوما على بابه، فلما خرج قال:
ما الذي أقدمك على بلادنا؟ قلت: طلبك! فوضع فى يدى رقعة قدر الدّينار، مكتوبا فيها:«يا دائم الثّبات، يا مخرج النّبات، يا سامع الأصوات، يا مجيب الدّعوات» . فما سألت الله بها حاجة إلّا قضاها لى. وكانت هذه الرحلة مغبوطة بهذه الدعوات.
وأتى «٤» شقران بصغير أعمى فدعا له، فأبصر.
وجاء له الناس مرة يسألونه «٥» أن يستسقى لهم، وخرج من بيته والسماء صاحية، ووقف بينهم والسماء صاحية، وجعل يقول: اسقنى اسقنى، السّاعة السّاعة، فأرعدت السماء وأبرقت، وجاء مطر عظيم كأفواه القرب «٦» .