وكان شقران من أجمل الناس، فنظرت إليه امرأة فشغفت به «١» ، فذكرت شأنها لعجوز، فقالت العجوز: أنا أجمع بينكما. فمرّ شقران يوما، فقالت له العجوز: لى ولد [غائب] ، وقد جاءنى كتابه «٢» ، وله أخت تحب أن تسمع كتابه، فلو جئت وقرأته على الباب لشفيت الغليل، وأطفأت النّار «٣» . فقال: نعم. ودنا من الباب، فقالت: ادخل يسيرا، فدخل، فقالت: يا سيدى، أخته تخشى أن يدخل أحد «٤» ، فهل لك أن تغلق الباب؟
فقال: نعم. فلما أغلق الباب برزت إليه «٥» امرأة جميلة قد تعطرت، فولّى بوجهه عنها، فقالت: كنت مشتاقة إليك. فقال لها: أين الماء حتى أتوضّأ؟
فأتته بالماء، فقال: اللهم إنّك خلقتنى لما «٦» شئت، وقد خشيت الفتنة، وأنا أسألك أن تصرف شرّها عنى وتغيّر خلقتى. فخرجت إليه، فوجدت خلقته اليوسفيّة أيّوبيّة «٧» ، فدفعته فى صدره وقالت: أخرج. فخرج وهو يقول:
الحمد لله رب العالمين. ثم عاد إليه حسنه.
وجاءه «٨» رجل ومعه صغيرة قد لحقها الجنون، فقرأ عليها شقران، ثم أخذها أبوها ومضى بها إلى البيت، فصرعت، وتكلّم الجنّىّ على رأسها وقال:
أمّا أنا، فو الله لا سكنت هذه البلدة ولا عدت إليها خوفا من شقران أن يحرقنى،