وانتبهت وفتحت عينى وإذا أنا بقنبرة عمياء سقطت من شجرة على الأرض، فانشقّت الأرض فخرج منها سكرّجتان «١» : واحدة من ذهب، والأخرى من فضة، فى إحداهما سمسم، وفى الأخرى ماء ورد، فأكلت من هذه، وشربت من هذه، فقلت: حسبى «٢» فتبت ولزمت الباب» .
وروى أبو موسى الجيزى، قال:«رأيت ذا النون، وقد تقاتل اثنان، أحدهما «٣» من أولياء السلطان [والآخر من الرّعيّة] فعدا «٤» الذي من الرعيّة عليه فكسر سنّته «٥» فتعلّق الجندىّ بالرجل وقال: بينى وبينك الأمير.
فمضوا، وجازوا فى طريقهم على ذى النون، فقال لهما: ما قصتكما؟
فقصّا «٦» عليه القصة، فأخذ السّنّ ثمّ بلّها بريقه وردّها إلى فم الرجل الذي كانت فيه، وحرّك شفته فتعلّقت السّنّ بإذن الله تعالى، وثبتت فى مكانها، فبقى الرجل يفتش فاه فلم يجد فيه شيئا من النقص» «٧» .
وحكى أبو جعفر قال:«كنت عند ذى النون فتذاكرنا طاعة الأشياء للأولياء، فقال ذو النون: من الطاعة أن أقول لهذا السرير الذي أنا جالس عليه:
در فى زوايا البيت الأربع وعد إلى مكانك «٨» [قال: فدار السرير فى أربع زوايا البيت وعاد إلى مكانه] . وكان هناك شابّ فأخذ يبكى، ومات للوقت» .