وقال بكر بن عبد الرحمن:«كنا مع ذى النون المصرى فى البادية، فنزلنا تحت شجرة «أم غيلان» فقلنا: ما أطيب هذا الموضع لو كان فيه رطب! فتبسّم ذو النون وقال: أتشتهون الرّطب؟ وحرّك الشجرة وقال: أقسمت عليك بالذى ابتداك وخلقك إلّا نثرت علينا رطبا. وحرّكها، فتناثر «١» الرّطب من عليها، فهززنا الشجرة فنثرت علينا شوكا» .
وقيل: إنّ ذا النون «٢» المصرىّ عند موته قيل له: ما تشتهى؟ فقال:
أعرفه قبل موتى «٣» ولو بلحظة.
وكان ذو النون المصرى يقول:«معاشرة العارف كمعاشرة الله تعالى»«٤» .
وقال أيضا:«أعرف الناس بالله أشدّهم تحيّرا فيه» .
وقال أيضا:«الزّهّاد ملوك الآخرة، وهم فقراء العارفين» .
وقال أيضا:«علامة العارف ثلاث: لا يطفئ نور معرفته نور ورعه، ولا يفتقد «٥» باطنا من العلم ينقض عليه ظاهرا من الحلم؛ ولا يحمله كثرة نعم الله على هتك أستار محارم الله عزّ وجلّ» .
وقال أيضا: «كنت راكبا فى سفينة فسرقت فيها درّة، فاتّهم بها شابّ، فقلت: دعونى حتى أرفق به وأقرّره، فأخرج رأسه من تحت كسائه، فتحدثت معه فى ذلك المعنى وتلطّفت به لعلّه يخرجها، فرفع رأسه إلى السماء وقال: