فمى «١» ، فتذكرت العهد، فرميت ما كان فى يدى، ولفظت ما كان فى فمى، ولكن بعد أن جاءت المحنة «٢» ، فرميت الحربة والترس وجلست فى موضعى، ووضعت يدى على رأسى، فلما استقر بى الجلوس جاز بى رجال كثير وفرسان «٣» وقالوا لى: قم، وساقونى وخرجوا بى إلى السّاحل، فإذا أمير وحوله عسكر وجماعة، وبين يديه جماعة من السودان كانوا يقطعون الطريق فى ذلك المكان قبل ذلك اليوم، وقد أمسكهم، وتفرقت الخيل فى الغابة يطلبون من ذهب منهم، فوجدونى أسود ومعى سيف وترس وحربة «٤»
، وكان الأمير تركيّا، فقال لى: من أنت؟ قلت: عبد من عبيد الله تعالى. فقال للسودان:
أتعرفون هذا؟ قالوا: لا. قال: بل هو كبيركم وأنتم تفدونه بأنفسكم. فقدّموهم فقطّعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، ولم يبق غيرى، فقدّمونى ثم قالوا «٥»
:
مدّ يدك، فمددتها، فقطعت، ثم قيل لى: مدّ رجلك، فرفعت طرفى فى السماء وقلت: إلهى وسيدى، يدى جنت، فما بال رجلى؟! وإذا بفارس وقف على الحلقة ونظر إلىّ «٦»
، ورمى بنفسه علىّ وصاح، وقال للأمير: هذا الشيخ أبو الخير المناجى الرجل الصالح! فصاح الأمير: لا حول ولا قوة إلّا بالله العلى العظيم. وجعل الأمير يقبل يدى ويعتذر إلىّ ويقول «٧»
: بالله عليك يا سيدى اجعلنى فى حلّ. فقلت له: أنت فى حلّ قبل أن تقطع يدى «٨» .