رضى الله عنه- كان شابّا، وكان يقرأ على ربيعة، وكانت فى زمانه غاسلة تغسّل الموتى، فأدخلت على امرأة جميلة ماتت لتغسلها، فعندما جرّدتها من أثوابها على دكّة المغتسل وضعت يدها على فخذها وقالت: ما كان أزناه من فخذ! فالتصقت يدها على فخذ المرأة، ولم يقدر أحد على خلاصها، فاستفتت الفقهاء فى ذلك، فاختلف علماء المدينة اختلافا عظيما، فقال بعضهم: نقطع يد الغاسلة. وقال بعضهم: يقطع من فخذ الميّتة بقدر الحاجة، واشتد الخلاف فى ذلك ولم يبق إلّا مالك، فأتوه فأخبروه بهذه المسألة، فقال: تضرب الغاسلة حدّ القذف. فجاءوا إليها، وفعلوا ذلك بها، فخلصت يد الغاسلة عند آخر ضربة، فتعجبوا من ذلك، فضرب الناس المثل بقولهم:«لا يفتى ومالك بالمدينة» .
ويروى أنه رئى فى المنام بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال:
أثابنى بكل كتاب وضعته، إلّا كتاب «التلقين» ، فإنّى كنت صنعته لمضاهاة كتاب إنسان على مذهب مالك «١» ، ولم أرد به وجه الله تعالى، وانتفعت كثيرا بكتاب «المعونة» ، فإنى أردت به وجه الله سبحانه.
قيل: وله كتاب يسمى «النصرة» ، قال بعض المالكية: لو وجد هذا الكتاب لم يحتج إلى كتاب فى مذهب مالك.
وسئل عن سبب خروجه من بغداد- وهى دار العلم- فقال: لم أجد بها ما أقتأت به، ولو وجدت ما خرجت، ثم أنشد:
فو الله ما فارقتها عن قلى لها ... وإنّى بشطّى جانبيها لعارف «٢»