للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل عليه المزنّى فى صبيحة يومه فقال: كيف أصبحت يا أستاذ؟ قال:

«أصبحت من الدنيا راحلا، ولإخوانى مفارقا، ولكأس المنيّة شاربا، وعلى الكريم واردا، ولسوء أعمالى ملاقيا» ، ثم رمق بطرفه إلى السماء واستعبر وأنشأ يقول:

إليك إله الخلق أرفع رغبتى ... وإن كنت يا ذا المنّ والجود مجرما «١»

ولمّا قسا قلبى وضاقت مذاهبى ... جعلت رجائى نحو عفوك سلّما «٢»

تعاظمنى ذنبى فلمّا قرنته ... بعفوك ربّى، كان عفوك أعظما «٣»

فمازلت ذا عفو عن الذّنب لم تزل ... تجود وتعفو منّة وتكرّما

ولولاك ما يغوى بإبليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيّك آدما «٤»

فإن تعف عنّى تعف عن متمرّد ... ظلوم غشوم لا يزايل مأثما «٥»

وإن تنتقم منّى فلست بآيس ... وإن دخلت نفسى بجرمى جهنّما «٦»

فذنبى عظيم من قديم وحادث ... وعفوك يا ذا المنّ أعلى وأجسما «٧»

وتوفى- رضى الله عنه- فى ليلة الجمعة بعد المغرب، كما قال الربيع، قال: وكنت عنده، ودفن يوم الجمعة بعد العصر آخر يوم من شهر رجب، وانصرفنا من جنازته فرأينا هلال شعبان سنة ٢٠٤ هـ.