صلّى الله عليه وسلم، لم يزل يدين الله بذلك، وبه يدين حتى توفّاه الله ويبعثه عليه لو شاء الله، وأنه يوصى نفسه وجماعته ومن سمع وصيته بإحلال ما أحلّ الله تعالى فى كتابه، ثم على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلم، وتحريم ما حرّم الله فى الكتاب ثم فى السّنّة، ولا يجاوزنّ من ذلك إلى غيره، وإنّ مجاوزته ترك فرض الله، وترك الكتاب والسّنّة «١» وهما من المحدثات، والمحافظة على أداء فرائض الله تعالى فى القول والعمل، والكفّ عن محارمه خوفا لله تعالى، وكثرة ذكر الوقوف بين يدى الله تعالى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدا بعيدا، وأن يترك الدنيا حيث أذلّها الله ولم يجعلها دار مقام، إلّا مقام مدة عاجلة الانقطاع، وإنما جعلها دار عمل، وجعل الآخرة دار قرار وجزاء بما عمل فى الدنيا من خير أو شر- إن لم يعنه جل ثناؤه.. «٢» .
وأن يعرف المرء زمانه، ويرغب إلى الله فى الخلاص من شر نفسه، ويمسك عن الإسراف بقول أو فعل فى أمر لا يلزمه، وأن يخلص النّيّة لله فيما قال وعمل، فإن الله يكفى ممّا سواه ولا يكفى منه شىء» .
ثم أكمل بعد هذا إقران «٣» الوصية بذكر ما أوصى من عتق وصدقة وغير ذلك. ثم قضى بعد ذلك «٤» .
قال يونس بن عبد الأعلى: دخلت عليه «٥» ، فقال لى:«يا أبا موسى، اقرأ علىّ ما بعد العشرين والمائة من آل عمران وأخفّ القراءة ولا تثقل» . فقرأت عليه، فلما أردت القيام قال:«لا تغفل عنى فإنّى مكروب» .